وأما الفرنج فإنهم توجهوا إلى الأثارب ودخلوا أنطاكية.

وشرع الناس في الزرع ببلد حلب في الثاني عشر من شباط وجعلوا يبلون الغلة بالماء، ويزرعونها فنبتت وتداركت عليها الأمطار فأخصبت، وجاءت الغلة من أجود الغلاء وأزكاها.

وأطلق البرسقي بني منقذ من الاعتقال بقلعة حلب، ورحل إلى تل السلطان في سنة تسع عشرة وخمسمائة، في أواخر المحرم، وأقام به ثلاثة أيام، ورحل إلى أن وصل إلى شيزر في سابع صفر، وتسلم أولاد الفرنج من ابن منقذ، وباعهم بثمانين ألف دينار حملت إليه.

وأقام بأرض حماة أياماً حتى وصل إليه أتابك طغتكين، فرحل في عساكره التي لا تحد كثرة، ونزل كفر طاب فسلمت إليه يوم الجمعة ثالث شهر ربيع الآخر، وسلمها إلى صمصام الدين خيرخان بن قراجا، وكان قد

وصل إليه من حمص والتقاه بتل السلطان.

وسار إلى عزاز وقاتلها، ونقبت قلعتها فقصدهم الفرنج، فالتقوا سادس عشر ربيع الآخر، وكسر البرسقي كسرة عظيمة، واستشهد جماعة من المسلمين من السوقة والعامة، ولم يقتل من الأمراء والمقدمين أحد.

ووصل أق سنقر البرسقي سالماً إلى حلب، وأقام على قنسرين أياماً، وتفرقت العساكر إلى بلادهم، ووصل أمير حاجب صارم الدين بابك بن طلماس، فولاه البرسقي حلب وبلدها، وعزل عنها سوتكين والياً كان ولاه.

ووقعت الهدنة بين البرسقي والفرنج على أن يناصفهم في جبل السماق وغيره مما كان بأيدي الفرنج، وسار البرسقي إلى الموصل فلم يزل الفرنج يعللون الشحن والمقطعين بالمحال في مغل ما وقعت الهدنة عليه إلى العشرين من شعبان من السنة.

وسار بغدوين إلى بيت المقدس والرسول خلفه يعلمه بأن الفرنج لا يمكنون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015