إليك منبج. وقيل: إنه نادى بشعار جوسلين بمنبج، فمضى إلى بيت المقدس وطرابلس وجميع بلاد الفرنج، وحشد ما يزيد على عشرة آلاف فارس وراجل، ووصل نحو منبج ليرحل بلك عن منبج.
فسار إليه بلك لما قرب من منبج، والتقيا يوم الإثنين ثامن عشر شهر ربيع الأول، واقتتل العسكران، وانهزم الفرنج، وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون إلى آخر النهار.
وحمل فيهم بلك ذلك اليوم خمسين حملة يفتك فيهم ويخرج سالماً، يضرب بالسيوف ويطعن بالرماح ولا يكلم، وعاد إلى منبج فبات مصلياً مبتهلاً إلى الله تعالى لما جدده على يده الظفر بالفرنج.
وأصبح يوم الثلاثاء تاسع عشر ربيع الأول قتل كل أسير أسره في الوقعة، ثم زحف نحو الحصن ليختار موضعاً ينصب فيه المنجنيق، وعليه بيضة وبيده ترس.
وكان قد عزم على أن يستخلف ابن عمه تمرتاش بن إيلغازي على حصار منبج، ويطلع منجداً لأهل صولا، فإن الفرنج كانوا في مضايقتها. وفي تلك المضايقة أخذوها، فبينا كان بلك قائماً يأمر وينهى إذ جاءه سهم من الحصن. وقيل أنه كان من يد عيسى، فوقع في ترقوته اليسرى فانتزعه وبصق عليه، وقال: هذا قتل المسلمين كلهم. ومات لوقته.
وقيل: بقي ساعات وقضى نحبه رحمه الله وحمل إلى حلب، ودفن بها قبلي مقام إبراهيم عليه السلام.
ووصل حسام الدين تمرتاش بن إيلغازي إلى حلب يوم الأربعاء العشرين من شهر ربيع الأول، ودخل القلعة ونصب علمه، ونادى الناس بشعاره.
وسار سليمان بن إيلغازي من ميافارقين إلى خرتبرت وحصون بلك، وهي نيف وخمسون موضعاً فتسلمها.