ونزل إيلغازي زردنا، نزل عليها في العشرين من جمادى الأولى، وحصرها أياماً وأخذ حوشها. وكان صاحبها قد سمع حين عبر إيلغازي الفرات أنه ينزلها، فجمع أصحابه واستحلفهم على المصابرة من وقت نزولهم عليها مدة خمسة عشر يوماً، وحلف هو لهم على أن ينجدهم، ومضى على أن يستجيش، فإن جازت هذه المدة ولم يصلهم فإنه يبتاع دماءهم بكل ما يملكه. وقال لهم: والله لكم علي من الشاهدين، لئن لم يخلصكم إلا إسلامي إن قبله أسلمت على يديه لخلاصكم.

وخرج حتى وصل إلى بغدوين صاحب أنطاكية، وهو بأكناف طرابلس في حكومة بينه وبين صاحبها، فأخبره بعبور إيلغازي وبما بلغه من قصده زردنا، فقال: مذ حلفنا له وحلف لنا ما نكثنا، وحفظنا بلده في غيبته ونحن شيوخ، وما أظنه يقدر، بل ربما قصد طرابلس أو قصدني في القدس، لأنني ما صالحته إلا على أنطاكية وأعمالها، بل يجب أن تعود إلى أفامية وكفر طاب وتكشف ما يتجدد. فعاد وكشف الأمر.

وسير إلى بغدوين فأعلمه بنزوله على زردنا، فصالح صاحب

طرابلس، وشرط عليه الوصول إليه. ووصل أنطاكية، واستدعى جوسلين، ونصب المسلمون مجانيق أربعة على زردنا، وأخذوا الفصيل الأول، فوصل الفرنج بعد أربعة عشر يوماً من منازلة المسلمين لها، فنزلوا تحت الدير.

وبلغ الخبر إيلغازي، فترك زردنا وتوجه نحوهم، فنزل نواز، وطلب أن يخرج الفرنج من المضيق إلى السعة فلم يخرجوا، فرحل إلى تل السلطان، وأتابك طغتكين في صحبته، فخرج الفرنج فنزلوا على نواز وهجموا ربض الأثارب وأحرقوا البيدر والجدار.

ودخل صاحبها يوسف بن ميرخان قلعتها، ونزلوا أبين، ورحلوا منها فنزلوا دانيث، وأقاموا عليها فلم يصلهم أحد، فعادوا إلى بلادهم، فعاد إيلغازي فنزل زردنا، وهجم الحوش الثاني، وقتل جماعة من الفرنج.

فعاد الفرنج ونزلوا تحت الدير، فرحل إيلغازي إلى نواز، وأقام ثلاثة أيام يزاحف الفرنج وهم لا يخرجون إلى الصحراء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015