ثم خرج الفرنج من أنطاكية عقيب ذلك، وأغاروا على بلد شيزر وأخذوا ما لا يحصى، وأسروا جمعاً، وطلبوا المقاطعة التي جرت عادتهم قبل الوقعة بأخذها، فبذل لهم ابن منقذ ذلك على أن يردوا ما أخذوه، فلم يجيبوه إلى ذلك، فجعل لهم مالاً حمله، وصالحهم إلى آخر السنة.
وهرب ملك العرب دبيس بن صدقة الأسدي من المسترشد والسلطان محمود، فوصل إلى قلعة جعبر، فأكرمه نجم الدولة مالك، وأضافه، ثم
سار إلى إيلغازي إلى ماردين، وتزوج ابنته فاستد به وأجاره، ووصل معه الأموال العظيمة والنعمة الوافرة، وحمل إليه إيلغازي ما يفوت الإحصاء.
فاشتغل إيلغازي بدبيس عن العبور إلى الشام، فخرب بلد حلب، واستولى الفرنج على معظمه، وأغار جوسلين إلى صفين، وسبى العرب والتركمان، ونزل بزاعا وقاتلها، وأحرق بعض جدارها، وصونع على شيء ودخل بلده.
ثم هجم الفرنج، في صفر من سنة خمس عشرة وخمسمائة، الأثارب، وقتلوا جماعة وأحرقوها وأسروا من لم يعتصم بالقلعة.
ثئم إنهم في ربيع الآخر من السنة، نزلوا نواز، زحفوا إلى الأثارب ثانية، وأحرقوا الدور والغلة. وسار بغدوين، وأغار على حلب، وأخذ الناس والدواب من حاضر حلب ومن الفنادق، وأخذ ما يجل قدره من الماشية، وأسر نحواً من خمسين أسيراً.
وصاح الصائح فخرج نفز يسير من العسكر فظفروا بالفرنج وخلصوا المواشي، وعاد الفرنج إلى أعمالهم.
وكان النائب بحلب شمس الدولة سليمان بن نجم إيلغازي. وكان إيلغازي قد