على نهر قويق لما بلغهم من ضغف رضوان وتمزيق عسكره، وعزموا أن يبنوا مشهد الجف، ومشهد الدكة، ومشهد قرنبياً حصوناً، وأن يقيموا على حلب ويستغلوا بلدها.
فأقاموا في تدبير ذلك يوماً أو يومين فبلغه خروج أنوشتكين
الدانشمند، وأنه قد نازل بعض معاقل الفرنج، وهي ملطية فعادوا للدفع عنها.
فخرج الدانشمند فلقي بيمند وجمعاً من الفرنج بأرض مرعش فأسره، وقتل عسكره، ولم يفلت منهم أحد، فخيب الله ظن الفرنج، وهربوا من أعمال حلب، وتركوا جميع ما كانوا أعدوه، فخرج رضوان وأخذ الغلال التي جمعوها، ونزل سرمين.
وسار جناح الدولة إلى أسفونا وبه جماعة من الفرنج فهجمه وقتل جميع من فيه، وسار إلى سرمين فكبس عسكر الملك رضوان ونهبه، وانهزم رضوان وأكثر عسكره وأسر الوزبر أبا الفضل بن الموصول وجماعة وحملهم إلى حمص.
وطلب الحكيم المنجم الباطني فلم يظفز به، وكان هذا الحكيم قد أفسد ما بينه وبين رضوان واستمال رضوان إلى الباطنية جداً، وظهر مذهبهم في حلب، وشايعهم رضوان وحفظ جانبهم، وصار لهم بحلب الجاه العظيم والقدرة الزائدة، وصارت لهم دار الدعوة بحلب في أيامه، وكاتبه الملوك في أمرهم، فلم يلتفت ولم يرجع عنهم، فوصل هذا الحكيم حلب سالماً في جملة من سلم في هذه الوقعة.
واستغل جناح الدولة سرمين ومعرة النعمان وكفرطاب وحماة، وفدى الوزير ابن الموصول نفسه من جناح الدولة بأربعة آلاف دينار، وفدى أصحاب الملك نفوسهم أيضاً بمال حملوه إليه
ولم يبق في أيدي المسلمين في سنة خمس وتسعين إلا حصن بسرفوث، من عمل بني عليم.