وعظمت هيبة تاج الدولة بعد هذه الوقعة، وراسلته زوجة أخيه تحثه
على الوصول، واستقر الحال على أن تتزوجه، فسار عند ذلك بعد أن تسلم من ابن جهير آمد وجزيرة ابن عمر، حتى وصل إلى تبريز، ففسخ عنه قسيم الدولة أن سنقر صاحب حلب وعماد الدولة بوزان وسارا إلى بر كيارق ليكونا في خدمته، وكان بالقرب من الري.
وكان سبب نفار قسيم الدولة وبوزان تقريب تاج الدولة يغي سيان وميله إليه، وقيل: لأنه لم يولهما شيئاً من البلاد التي افتتحها، فرجع تاج الدولة إلى ديار بكر، وشحنها بالرجال، وسار منها إلى سروج فأخذها وولى فيها بعض ثقاته.
ووصله الخبر بوصول أن سنقر وبوزان إلى باب السلطان بركيارق، وإكرامه لهما، وأنهما وجدا خاله مستولياً على أمره، فقتلاه وبعض الأمراء.
فانبسطت يد بركيارق، واستقامت أحواله، وخاطبه أق سنقر وبوزان أن يسير معهما إلى بلادهما حلب والرها وحران، لئلا يجري عليهما حادث من تاج الدولة عند عودته، وضمنا له أن يكونا بينه وبين تاج الدولة، فسار معهما إلى الرحبة، وعقد بينهما وبين علي بن شرف الدولة حلفاً.
وسار علي بن قريش، ومعه جماعة من بني عقيل وقطعة من عسكر السلطان بركيارق مع قسيم الدولة، فأوصلوه إلى حلب، فدخلها في شوال من سنة ست وثمانين وأربعمائة.
وسار بوزان إلى بلاده، وعاد من كان معهما إلى السلطان وأما تتش فإنه قطع الفرات وتوجه إلى أنطاكية، وأقام بها مع يغي سيان مدة، فغلت بها الأسعار فسار إلى دمشق في ذي القعدة من هذه السنة.
وكان وثاب بن محمود مع نفر يسير من بني كلاب، فأنفذ أن سنقر بعد مسير تتش إلى دمشق من أحرق حصن أسفونا وحصن القبة، وقبض أقطاع وثاب.