فأسرى تاج الدولة في الليل من جبرين عند ذلك في جميع عسكره، وهم ملبسون مستعدون، فصبحوا حلب صباحاً، وأغاروا عليها، فخرج عسكر حلب فالتقوا على الخناقية على باب حلب ثم إن بعض عسكر حلب انهزموا لغير موجب، وهزم الله عسكر تتش بغير قتال.

وكان الأمير أبو زائدة محمد بن زائدة وابن عمه شبل بن جامع بن زائدة في قدر خمسين فارساً مقابلهم، فحملوا عليه، واتفقت هزيمتهم، فقتلوا من الغز جماعة وغنموا.

ولو عاد عسكر حلب في إثرهم ما كان أفلت منهم إلامن سبق به فرسه.

وشاع لمحمد بن زائدة في ذلك اليوم ذكر جميل.

وتقدم الأمير محمد بن زائدة إلى الشيخ أبي نصر منصور بن تميم المعروف بابن زنكل أن يجيب أبا الفضائل سابق بن محمود عن القصيدة التي أنفذها إليه، ويعرفه ما لبني كلاب من الأيام المعروفة، ويذكر هذه الوقائع، فعمل:

دعوت مجيباً ناصحاً لك مخلصاً ... يرى ذاك فرضاً لا محالة واجباً

فلبيت لا مستنكفاً جزعاً ولا ... هدانا إذا خاض الكريهة هائباً

ومنها:

ولما دعاني المدركي ابن صالح ... شققت، ولم أرهب، إليه الكرائبا

أسابق صرف الدهر في نصر " سابق " ... إلى " تركمان " الترك أزجي النجائبا

فلما التقيناهم غدا البعض سالباً ... لأنفسهم، والبعض للمال ناهبا

فيا لك من يوم سعيد بيمنه ... عن الثغر أضحى عسكر الصد هاربا

وكان يرى في كفه الشام حاصلاً ... ويوم " بزاعا " رد ما ظن خائبا

وليلة " كرمين " تركنا كرامهم ... كضأن بها لاقت مع القدر قاصبا

وفي يوم " خناقية " قد خنقتهم ... بعثير ذل رد ذا الشرخ شائبا

عطفت لهم إذ خام من خام منهم ... بفتيان كالعقبان شامت توالبا

فلله قومي الصادرون لو انثنوا ... معي، أو فريق كنت للجمع ناكبا

فولوا وقضبان المخافة فيهم ... مسابقة أرماحنا والقواضبا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015