وشتوا في هذه السنة فنهبوا الضياع وسبوا منها، وعاقبوا من وجد هناك، وفتحوا جباب الغلة ومدافنها. وقطع القطائع الكثيرة على مواضع امتنعت عليه ولقي أهل الشام من عسكره شدة عظيمة، وهو أول نهب وفساد جرى بالشام من الأتراك. ولما انقضى زمن الشتاء عاد إلى بلد الروم بعد أن أكرمه محمود بن نصر بتحف وهدايا حملها إليه.

السلطان العادل ومحمود

ثم إن محمود بن نضر بن صالح راسل في هذه السنة السلطان العادل ألب أرسلان، واستقر الأمر بينهما على أن يخطب محمود بحلب للإمام القائم خليفة بغداد وبعده للسلطان العادل ألب أرسلان وبعده لنفسه، فوصل إليه نقيب النقباء أبو الفوارس طراد بن علي الزينبي لإقامة الدعوة العباسية، ومعه الخلع من القائم بأمر الله ومن السلطان.

.فجمع محمود أهل حلب وقال لهم: " قد ذهبت دولة المصريين وهذه دولة جديدة، ومملكة سديدة ونحن تحت الخوف منهم، وهم يستحفون دماءكم لأجل مذهبكم والرأي أن نقيم الخطبة خوفاً من أن يجيئنا وقت لا ينفعنا فيه قول ولا بذل ".

فأجاب مشايخ البلد إلى ذلك فلبس المؤذنون والخطيب السواد، وخطب الإمام القائم وبعده للسلطان ألب أرسلان، وبعمه لمحمود، ولقب الأمير الأجل حسام الدولة العباسية، وزعيم جيوشها الشامية تاج الملوك، ناصر الدين، شرف الأمة، ذو الحسبين خالصة أمير المؤمنين.

وأمر ابن خان الأتراك بالوقوف على باب الجامع، وقتل كل من يخرج ممتنعاً من الصلاة وسماع الخطبة، فسأله الشيوخ إلا يفعل خوفاً من وقوع

فتنة. وأخذت العامة الحصر التي في الجامع، وقالوا: " هذه حصر علي بن أبي طالب فيجيء أبو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015