المصريين، بعد أن نهب عسكر الترك حناك، وجميع ضياعه بالشام.

ووقع الوباء العظيم بحلب، حتى إنه مات في رجب من هذه السنة زهاء عن أربعة آلاف فضلاً عن سائر الشهور.

وفيها طلعت طائفة كبيرة من الترك، فنزل بعضها على دلوك وتقدم منهم نحو ألف، فنهبوا بلد أنطاكية عن آخره، وأخذوا نحو أربعين آلف جاموس. وقيل أكثر، حتى أن الجاموس كان يباع بدينار، وأكثره بدينارين وثلاثة. وأما البقر، والغنم، والمعز، والحمير، والجواري، فلم يقع على ذلك إحصاء من الكثرة. وكانت الجارية تباع بدينارين والصبي بتطبيقة نعال للخيل.

هزيمة الروم

وخرب بلد الروم خراباً لم يسمع بمثله، وبقيت الغلات في البيادر ما لها من يرفغها منهم، حتى كان الفلاحون وسائر العوام يمضي الواحد منهم ويأخذ ما يريد، فلا يجد من يدافعه عن ذاك، لأن الروم تحصنوا في الحصون والجبال، والمغاير، وتركوا بيوتهم على حالها لم يأخذوا منها شيئاً، لأن الترك أتوهم على غفلة، وكان ذلك في شوال.

وكان مقدمهم أفشين بن بكجي، وكان قد غضب عليه العادل ألب أرسلان بسبب خادم كان زعيم بعض عساكره، فقتله الأفشين. وقطع الفرات إلى بلد الروم، ثم خرج إلى أعمال حلب، وباع الغنائم التي كانت معه.

ونزل في سنة ستين حول أنطاكية، وضاق الشيء فيها حتى بلغت

الحنطة قفيزين بدينار. فلما لم يبق شيء دون فتحها أتته كتب العادل ألب أرسلان من العراق بالرضا عنه. وقيل إن أصحاب مؤونة السوق بحلب حصل في دفاترهم نحو سبعين آلف مملوك ومملوكة سوى ما بيع بغير مؤونة في بلد الروم وسائر البلدان، وأخذ من أصحاب أنطاكية مائة آلف دينار، ومثلها من ثياب الديباج والآلة. وسار إلى العراق في جمادى الآخرة من السنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015