فعبرت طائفة منهم إلى الجزيرة فنهبتهم بنو نمير، ورجع الباقون فصادفوا عسكرا للروم في بطريق لهم يعرف بالنحت، فلم يجدوا أبداً من شق عسكر الروم، وكان في عشرين ألفاً ففتح لهم الروم طريقاً بينهم ليطبقوا عليهم فعبروا سالمين.

وقتلوا من الروم خلقاً عظيماً، وكان السالم منهم نحوا من مائة وخمسين رجلاً، فركبت عليهم العرب بنو قريظ وربيعة بن كعب وغيرهم، فأشار أمير منهم يقال له قمار على الملك أن يموت كريماً، ولا يثق بالعرب فلم يفعل. والتجأ إلى منصور بن جابر فغدر به بعد أن كان أعطاه مقنعة زوجته ومخصرته، وقتل قمار وجماعة.

حلب من عطية إلى محمود

وسلم ابن خان في جماعة فلحق بمحمود، ونزل عليه وهو بسرمين،

فأمنهم، وبعث بهم إلى معرة النعمان. ثم أن محموداً سير ولده إلى أنطاكية رهينة، فوجهوا قطعة منهم، وتلقاه بالجنايب في كل منزل بمراكبها، وجعلوا له كل يوم خمسين ديناراً، وخلعوا عليه وعلى أصحابه خلعاً سنية، ووهبوا له في جملة ما وهبوا دبوس ذهب وزنه ثلاثمائة مثقال.

وسار محمود بمن جمعه من العرب، ومعه ابن خان التركي ومن انضوى إليه من التركمان، إلى مرج دابق، فخرج عطية إليهم، وجمع جموعاً كثيرة من العوفيين وغيرهم، وقصد محموداً والتركمان، في يوم الخميس حادي عشر جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين، فالتقوا، فانهزم عطية إلى حلب، وتبعه محمود بمن معه.

ونزل على حلب محاصراً لها وفيها عمه عطية وجاءه ظفر المستفادي رسولاً من المستنصر، وهو محاصر حلب، ولقبوه عظيم أمراء العرب عضد الدولة، سيف الخلافة، ذو الفخرين، وكان يلقب أولاً عز الدولة، وشمسها، فبقي محاصراً حلب مائة يوم ويومين.

ثم سلمها إليه عمه أسد الدولة بن صالح بعد حصار شديد وجوع عظيم، وأخذ عمه عطية الرحبة، وعزاز ومنبج، وبالس، وجميع الضياع التي شرقي حلب وشماليها، وأخذ محمود حلب وقبليها، واصطلحا صلحاً خالصاً ذلت به لهما العرب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015