ذلك فقال الدزبري: قد خرف الوزير، وبسط لسانه فيه بالكلام القبيح، فكاتب ولاة الشام بترك الانقياد له، وكتب توقيعاً عن المستنصر لثمال بن صالح بحلب، وشرط عليه أن يحمل جميع ما بقلعتها من المال إلى المستنصر.
وكاتب أجناد دمشق، وأغراهم به، فثاروا عليه، وأحدقوا به بقصر كان له في ظاهر دمشق، فهرب من دمشق ليلاً ومعه ثلاثمائة صبي من غلمانه الأتراك ليس لواحد منهم لحية، وعلى وسط كل واحد منه ألف دينار، وأحدقت به بنو كلاب فلم يقروا عليه.
ونزل بحصن المعرة، ثم سار منها إلى حلب، ولقيه عسكره بها في أراضي سرمين، فدخل حلب في شهر ربيع الآخر من سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.
وشرع ثمال بن صالح في جمع عشيرته، وحشد من أجابه من العرب وغيرهم لمنازلة حلب، وطمع في الدزبري. فرأى بنفسه الذل لما لم يكن له طاقة بدفعهم، وزاد هذه وغمه، حتى مرض مرضاً حاداً، ومات بعد ثلاثة أيام، يوم الأحد النصف من جمادى الأولى سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة. ودفن بحلب، ثم نقل منها إلى البيت المقدس، في سنة ثمان وأربعين
وأربعمائة.
فدبر البلد بعده مملوكه رضي الدولة بنجوتكين التركي أبو منصور، بقية جمادى الأولى وثمانية وعشرين يوماً من جمادى الآخرة، فوصل معز الدولة أبو علوان ثمال بن صالح بالتوقيع الذي سيره إليه المستنصر، فسلم بنجوتكين وأهل المدينة إليه، لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة من سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، بعد