وأما طغان فإئه لما وصل بالعسكر إلى حلب نزل على المدينة، فراسله خليفة ابن جابر الكعبي ومن وافقه من الحلبيين في تسليم البلد، فتسلمه في يوم السبت الرابع من شهر رمضان.

وأنفذ رسولاً إلى الدزبري يعلمه بذلك، فأغذ السير إلى حلب، ووصل إليها في عدة قليلة، واجتاز في طريق بمعرة النعمان، فالتقاه أهلها، فأكرمهم وسألهم عن أبي العلاء بن سليمان. وقال لهم: لأسيرن فيكم بسيرة العمرين. وإجتمع عنده بالمعرة كثير من العرب، فخشي منهم، فأركب رجلاً من أصحابه جملاً، ونادى بمعرة النعمان وبظاهرها: من لم يأخذ معه قوت ثلاثة أيام فلا يلومن إلا نفسه. فلم يبق من العرب أحد حوله، وظن كل منهم أنه يطلب حلته وتم أمير الجيوش إلى حلب، فدخلها يوم الثلاثاء السابع من شهر رمضان، والقلعة مستعصية على أصحابه في يد سيف الدولة مقلد بن كامل بن مرداس، وقد احتوى على الأموال التي بها، واستولى على جمهورها.

فترددت الرسل بينه وبين مقلد حتى قرر له عما في القلعة ثمانين ألف دينار، وثياباً، وفرشاً، وآلات فضة، مكراً وخديعة، وأن يأخذ المقلد الباقي.

وقنع الدزبري بذاك، وأفرج له عن نزوله وخروجه فسلم مقلد القلعة وصعد إليها أمير الجيوش، يوم الثلاثاء لثمان بقين وقيل لسبع بقين من شهر رمضان.

وأقام مقلد يوماً واحداً بعد نزوله من القلعة، وهرب بما معه من الأموال خوفاً من غدر الدزبري به، ولحق بحلته وبثمال بن صالح بالجزيرة، ونادى الدزبري في مدينة حلب بأن يخرج منها جميع الجند والحواشي الذين كانوا يخدمون ابن صالح. واجتمع الناس من سائر البلدان ليهنئوه بالفتح، وجلس للهناء في القصر بباب الجنان وعيد عيد الفطر بحلب، فذكر أنه لم ير بحلب عيد أحسن منه، لكثرة ما أظهر فيه من العدة والآلة، وأحسن إلى أهل حلب، وأمر برد ما كان صالح اغتصبه من أملاك الحلبيين، وتزوج بنت منصور بن زغيب. وولى بقلعة حلب مملوكين له. أحدهما يقال له فاتك، والآخر سبكتكين، وولى بالمدينة غلامه رضي الدولة بنجوتكين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015