سنان قاضي حلب، والشيخ أبا الحسن المهذب بن علي بن المهذب فإنه أراد أن يترجل له فحلف أن لا يفعل.
وقيل: إن أهل حاس قرية بمعرة النعمان قتلوا حماه، كان يقال له الخوري، وكان من أهل تلمنس، لأذيته لهم، فحين سمع تاذرس بقتل حميه الخوري، خرج في عسكر حلب، وطلب أهل حاس في الجبال والضياع، وهرب القاتلون إلى أفامية، فلحقهم، فسلمهم إليه واليها.
فكتب إلى صالح يستأذنه في قتلهم، فأذن له فقتلهم، وصلبهم، فلما أنزلوا عن الخشب ليصلى عليهم ويدفنوا، صلى عليهم خلق عظيم.
وقال الناس حينئذ، يكايدون النصارى: قد رأينا عليهم طيوراً بيضاً، وما هي إلا الملائكة، فبلغت هذه الكلمة تاذرس لعنه الله فنقمها على أهل المعرة، واعتدها ذنباً لهم.
فاتفق أن صاحت امرأة في الجامع، يوم الجمعة، وذكرت أن صاحب الماخور أراد أن يغصبها نفسها، فنفر كل من في الجامع إلا القاضي والمشايخ، وهدموا الماخور، وأخذوا خشبه، وكان أسد الدولة صالح في صيدا، سنة سبع عشرة وأربعمائة.
فلما توجه إلى حلب، سنة ثمان عشرة، لم يزل به تاذرس حتى اعتقل مشايخ المعرة وأماثلها، فاعتقل منهم سبعين رجلاً، وقطع عليهم ألف
دينار وقال له صالح حين لج عليه: أأقتل المهذب أو أبا المجد، بسبب ماخور! ما أفعل! " وقد بلغني أنه دعي لهم في آمد وميافارقين، فغلبه على رأيه، فبقوا في الاعتقال في الحصن، سبعين يوماً، إلى أن اجتاز صالح بالمعرة، واستدعى أبا العلاء ابن سليمان بظاهر المعرة.