إليه في جيش كثيف، فالتقى الجيشان فكسر الدزبري، وعاد مفلولاً.

وأما قلعة حلب فإن الحلبيين نقبوها، ووصل النقب إلى بئرها المعين، وقل الماء فيها، ودام الحصار عليها سبعة أشهر.

وراسل من في القلعة سالماً وسليمان في الصلح في عاشر ربيع الآخرة فلم يجيباهم. ونصبوا الصلبان ثلاثة أيام، ودعوا لملك الروم، ولعنوا الطاهر، ونقر الناقوس، وقاتلوا القلعة، ثم نفروا يوم الجمعة ثاني عشر الشهر، وحملوا المصاحف على أطراف الرماح في الأسواق، ونادوا النفير وزحفوا.

فاستأمن جماعة من المغاربة الذين في القلعة، فخلع عليهم، وطيف بهم في المدينة. وبسطت ثياب الديباج والسقلاطون، وبدر المال مقابل القلعة، وبذلت لمن ينزل إلى ابن مستفاد وسليمان مستأمناً.

فلما يئس أهل القلعة من النجدة نزل رجل أسود يعرف بأبي جمعه، وكان عريف المصامدة إلى المدينة، وبقي أياماً ينزل من القلعة ويصعد فأفسده سالم بن مستفاد وسليمان بن طوق.

فلما جاء ليطلع القلعة في بعض الأيام تقدم موصوف الخادم والي القلعة برد الباب في وجهه، فصاح إلى أصحابه، فالتفت المصامدة والعبيد في القلعة، ووقع الصوت إلى أهل حلب، فطلعوا إلى القلعة من كل مكان.

ودخلها ابن طوق وابن مستفاد، يوم الأربعاء مستهل جمادى الأولى سنة ست عشرة وأربعمائة وقبض على موصوف الصقلبي وسديد الملك ثعبان، وأبي الفضل بن أبي أسامة.

فأما ثعبان ففدى نفسه بمال دفعه إلى صالح، وأما موصوف فضرب رقبته صبراً بين يديه. وأما القاضي أبو الفضل بن أبي أسامة فدفنه حياً في القلعة.

ولما جدد الملك العزيز أبو المظفر محمد بن غازي رحمه الله الدار الكبرى التي ابتناها بقلعة حلب، وحفر أساسها، وجدوا مطمورة فيها رجل في ساقيه لبنة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015