وكان حاضر قنسرين قديماً نزلوه بعد حرب الفساد التي كانت بينهم حين نزل الجبلين من تزل منهم، فلما ورد أبو عبيدة عليهم أسلم بعضهم، وصولح كثير منهم على الجزية، ثم أسلموا بعد ذلك بيسير إلامن شذ منهم.
وكان بقرب مدينة حلب حاضر حلب يجمع أصنافاً من العرب من تنوخ وغيرهم، فصالحهم أبو عبيدة على الجزية، ثم إنهم أسلموا بعد ذلك، وجرت بينهم وبين أهل حلب حرب أجلاهم فيها أهل حلب، فانتقلوا إلى قنسرين.
وكانت قتسرين وحلب إذ ذاك مضافتين إلى حمص فأفردهما يزيد بن معاوية في أيامه. وقيل: أفردهما معاوية أبوه.
ولما بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما فعل خالد في فتح قنسرين وحلب، قال: أمر خالد نفسه، يرحم الله أبا بكر، هو كان أعلم بالرجال مني. يعني أن خالداً كان أمير المسلمين من جهة أبي بكر رضي الله عنه على الشام، فلما ولي عمر عزله وولى أبا عبيدة.
ثم ولاه عمر رضي الله عنه على قنسرين فأدرب خالد وعياض بن غنم أول مدربة كانت في الإسلام، سنة ست عشرة.
ورجع خالد، فأتته الامارة من عمر رضي الله عنه على قنسرين، فأقام خالد أمير، تحت يد أبي عبيدة عليها، إلى أن أغزى هرقل أهل مصر في البحرة وخرج على أبي عبيدة في عساكر الروم، وأبو عبيدة بحمص بعد رجوعه من فتح حلب. فاستمد أبو عبيدة خالداً فأمده بمن معه، ولم يخلف أحداً، فكفر أهل قنسرين بعده، وبايعوا هرقل وكان أكفر من هناك تنوخ.
واشتور المسلمون فأجمعوا على الخندقة والكتاب إلى عمر رضي الله عنه بذلك. وأشار خالد بالمناجزة فخالفوه، وخندقوا. وكتبوا إلى عمر رضي الله عنه واستصرخوه.