وتركت الشمس حائرة ... في دجى الظلماء لم تغب

وعزيز الدولة هذا، هو الذي جدد القصر تحت قلعة حلب، وتناهى في عمارته، وحمام القصر كانت له، وجعله ملاصقاً لسفح القلعة، وقصد بعمارته قربه إلى القلعة، خوفاً ممن جرى لمرتضى الدولة. وكان متصلاً بالقلعة وهو الذي أمر بعمارة القناديل الفضة للمسجد الجامع، وهي باقية إلى الآن واسمه عليها.

وكلف عزيز الدولة أسد الدولة صالح بن مرداس أن يحمل والدته إلى حلب، لتسكن الأنفس ويعلم العوام التئام الكلمة والتضافر على الأعداء، ففعل ذلك في سنة ثمان وأربعمائة.

ثم إن عزيز الدولة تغير عليه الحاكم فعصى عليه، وضرب الدينار والدرهم باسمه بحلب، ودعا لنفسه على المنبر، فأرسل الحاكم إلى الجيوش، وأمرها أن تتجهز إليه في سنة إحدى عشرة وأربعمائة.

فلما بلغ عزيز الدولة ذلك أرسل إلى باسيل ملك الروم يستدعيه ليسلم إليه حلب، فخرج باسيل الملك، فلما بلغ موضعاً يعرف بمرج الديباج، بلغ عزيز الدولة وفاة الحاكم، فأرسل إلى باسيل يعلمه إنه قد انتقض ما كان بينهما من الشرط، وأنه إن ظهر كان هو وبنو كلاب حرباً له.

فعدل باسيل إلى منازكرد فأخذها من الخزر، وكان الناس قد أجفلوا من ملك الروم إلى حلب، فكانت هذه الجفلة تسمى جفلة عزيز الدولة لأنها بسببه.

ولما اطمأن عزيز الدولة بموت الحاكم، ووصلته من الظاهر الخلع من مصر، ودخل غلام له يدعى تيزون، وكان هندياً، وكان يميل إليه، ودخل في أول الليل عليه، وهو نائم في المركز، وفي يده سيف مجرد مستور في كمه ليقتله، فوجد صبياً من رفقته يغمزه فلما رآه الصبي حرك مولاه ليوقظه، فبادر الهندي، وضرب عزيز الدولة فقتله، وثئى بالصبي، وقتل الهندي. وذلك كله لأربع ليال خلت من شهر ربيع الآخر، سنة ثلاث عشرة وأربعمائة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015