صالح. فبينا مرتضى الدولة في قصره العتيق بباب الجنان، في ليلة السبت لست بقين من شهر رجب سنة ست وأربعمائة، إذ ضربت البوقات والطبول على القلعة، وصاح من فيها: الحاكم يا منصور صالح يا منصور فظن منصور أن صالحاً قد حصل في القلعة، ففتح باب الجنان، وهرب هو وأخوه، وأولاده، ومن تبعه من غلمانه إلى أنطاكية، وأخذ معه ما قدر على حمله من المال.

فلما علم أهل حلب بخروجه قصدوا داره، فأخذوا منها من الذهب والفضة والمراكب والأثاث ثمانين ألفاً من الدنانير.

وأخذ في جملة ما نهب له ثمانية وعشرون ألفاً من الدفاتر المجلدة، وكانت مفهرسة بخطه في درج، ونهبوا دور إخوته ودور بعض النصارى واليهود.

ووصل مرتضى الدولة إلى أنطاكية لخمس بقين من شهر رجب، فطالع قطبان أنطاكية الملك باسيل بهرب منصور إليه، فأنفذ إليه يأمره بإكرامه، وأن يواصله براتب وإقامة، وكذلك برزق أجناده وأصحابه، ففعل ذلك، وكان جملتهم سبعمائة رجل من فارس وراجل، وأن لا ينقصه في المخاطبة والكرامة من الرسم الذي كان يخاطبه به في أيام إمارته، وأمر أن يلفب بالماخسطرس.

واستدعى الملك إخوته وابنيه أبا الغنائم وأبا البركات، فخلع عليهم، وأنفذ على أيديهم توقيعاً بإقطاع عدة ضياع له ولهم، وكان من جملتها شيح ليلون، فعمر مرتضى الدولة حصنها، وسكن فيه ليقرب عليه ما يحتاج إلى معرفته من أمور حلب.

وأما مرتضى الدولة فإنه عمر إلى أن قدم أرمانوس من القسطنطينية، ونزل على تبل في سنة إحد وعشرين وأربعمائة، وكان معه إذ ذاك. وتوفي بعد ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015