لليلتين خلتا من ذي القعدة من سنة اثنتين وأربعمائة.

فجمع مقلد بن زائدة من كان من بني كلاب خارج حلب، وأجفل بالبيوت، ونزل بهم كفر طاب وقاتلها، فرماه ديلمي اسمه بندار فقتله، في

أوائل سنة ثلاث وأربعمائة. وكان مرتضى الدولة قد أخرج أخويه أبا حامد وجامعاً وغيرهما، وجعلهم في حجرة، وجعل فيها بسطاً، وأكرمهم لأجل مقلد. فلما جاءه خبر قتله أنفذ إليهم يعزيهم به فقال بعضهم لبعض: اليوم حبسنا.

وسير مرتضى الدولة إلى صالح بن مرداس، وهو في الحبس، وألزمه بطلاق زوجته طرود، وكانت من أجمل أهل عصرها، فطلقها، وتزوجها منصور، وهي أم عطية بن صالح، وإليها ينسب مشهد طرود، خارج باب الجنان، في طرف الحلبة. وبه دفن عطية ابنها ومات أكثر المحبسين بالقلعة في الضر، والهوان، والقلة، والجوع.

وكان مرتضى الدولة في بعض الأوقات إذا شرب يعزم على قتل صالح، لحنقه عليه من طول لسانه، وشجاعته. فبلغ ذلك صالحاً، فخاف على نفسه، وركب الصعب في تخليصها واحتال حتى وصل إليه في طعامه مبرد فبرد حلقة قيده الواحدة، وفكها وصعبت الأخرى عليه، فشد القيد في ساقه، ونقب حائط السجن، وخرج منه في الليل، وتدلى من القلعة إلى التل، وألقى نفسه فوقع سالماً ليلة الجمعة مستهل المحرم سنة خمس وأربعمائة.

واستتر في مغارة بجبل جوشن، وكثر الطلب له والبحث عنه، عند الصباح فلم يوقف له على خبر، ولحق بالحلة، واجتمعت إليه بنو كلاب، وقويت نفوسهم بخلاصه، وبعد ستة أيام ظفر صالح بغلام لمنصور كان قد

أعطاه سيف صالح، فاستعاده منه وأيقن بالظفر، وتفاءل بذلك.

ولما كان اليوم العاشر من صفر نزل صالح بتل حاصد من ضياع النقرة يريد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015