فَقَالَ: وَيْحَكَ مَا كَانَ يَنْفَعُكَ مِنْ قَتْلِي لَوْ أَنِّي قُتِلْتُ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَوَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا نَزَالُ بِخَيْرٍ مَا أَعْطَاكَ اللَّهُ النَّصْرَ عَلَى عَدُوِّكَ، إِنَّمَا نَحْنُ بِاللَّهِ وَبِكَ، فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: ادْعُ مرة بن الربيع، وَهُوَ الَّذِي قَالَ: نَقْتُلُ الْوَاحِدَ الْفَرْدَ فَيَكُونُ النَّاسُ عَامَّةً بِقَتْلِهِ مُطْمَئِنِّينَ، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: وَيْحَكَ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تَقُولَ الَّذِي قُلْتَ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ قُلْتُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إِنَّكَ لَعَالِمٌ بِهِ، وَمَا قُلْتُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَجَمَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، الَّذِينَ حَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَأَرَادُوا قَتْلَهُ، فَأَخْبَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِمْ وَمَنْطِقِهِمْ وَسِرِّهِمْ وَعَلَانِيَتِهِمْ) » ، وَأَطْلَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ نَبِيَّهُ عَلَى ذَلِكَ بِعِلْمِهِ، وَمَاتَ الِاثْنَا عَشَرَ مُنَافِقِينَ مُحَارِبِينَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا} [التوبة: 74] [التَّوْبَةِ: 74]
وَكَانَ أبو عامر رَأْسَهُمْ، وَلَهُ بَنَوْا مَسْجِدَ الضِّرَارِ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُقَالُ لَهُ الرَّاهِبُ، فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَاسِقَ، وَهُوَ أبو حنظلة غَسِيلُ الْمَلَائِكَةِ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِمْ أَخْزَاهُ اللَّهُ وَإِيَّاهُمْ، فَانْهَارَتْ تِلْكَ الْبُقْعَةُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ
فَصْلٌ
قُلْتُ: وَفِي سِيَاقِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَهْمٌ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسَرَّ إِلَى حذيفة أَسْمَاءَ أُولَئِكَ الْمُنَافِقِينَ، وَلَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِمْ أَحَدًا غَيْرَهُ، وَبِذَلِكَ كَانَ يُقَالُ لحذيفة: إِنَّهُ صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ، وَلَمْ يَكُنْ عمر وَلَا غَيْرُهُ يَعْلَمُ أَسْمَاءَهُمْ، وَكَانَ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَشَكُّوا فِيهِ (يَقُولُ عمر: انْظُرُوا، فَإِنْ صَلَّى عَلَيْهِ حذيفة، وَإِلَّا فَهُوَ مُنَافِقٌ مِنْهُمْ)
الثَّانِي: مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَوْلِهِ: فِيهِمْ عبد الله بن أبي، وَهُوَ وَهْمٌ ظَاهِرٌ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ نَفْسُهُ أَنَّ عبد الله بن أبي تَخَلَّفَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ