أقبل المسلمون على كتاب ربهم وكلام خالقهم دراسة وحفظا وعملا، وألّفوا في علومه كتبا ومؤلفات عديدة في التفسير والقراءات واستنباط الأحكام والإعجاز والناسخ والمنسوخ وأسباب النزول والغريب والمبهمات والفضائل والقصص وغير ذلك.
ومن أهم كتب التفسير للقرآن الكريم كتاب «زاد المسير في علم التفسير» لابن الجوزي الذي عمد إلى كتب الذين سبقوه في التفسير فأشبعها دراسة واستفاد من الثغرات التي كانت في تفاسيرهم، ووضع تفسيره هذا مخلّصا إياه من التطويل المملّ ومن الاختصار المخلّ. وقال في مقدمة كتابه:
( ... أني نظرت في جملة من كتب التفسير فوجدتها بين كبير قد يئس الحافظ منه، وصغير لا يستفاد كل المقصود منه، والمتوسط منها قليل الفوائد، عديم الترتيب، وربما أهمل فيه المشكل وشرح غير الغريب، فأتيتك بهذا المختصر اليسير، منطويا على العلم الغزير، ووسمته ب «زاد المسير في علم التفسير» ) .
فجاء كتابه وسطا بين التفاسير الطويلة والمختصرة الشديدة الاختصار، مع تميّزه بجملة من الخصائص، إضافة إلى أسلوب ابن الجوزي السّلس المتين والسهل الممتنع. ومن هذه الخصائص أنه تحدّث عمن نزلت بعض الآيات فيهم، وذكر القراءات المشهورة والشاذة أحيانا، وتوقف عند الآيات المنسوخة والتي اختلف العلماء حولها أمنسوخة هي أم لا؟ وأورد أقوال العلماء بهذا الصدد، بالإضافة إلى ردّه كل قول إلى مصدره معتمدا على علماء اللغة مثل: ابن قتيبة وأبي عبيدة والخليل بن أحمد الفراهيدي وعلى النحاة مثل: الفرّاء والزجّاج والأخفش والكسائي ومحمد بن القاسم النحوي وعلى القرّاء مثل: الجحدري وعاصم وغيرهم.
عملنا في هذا الكتاب على:
- تخريج الأحاديث المرفوعة، وما له حكم الرفع تخريجا وافيا.
- تصدير التخريج بقولنا «صحيح» ، «حسن» ، «ضعيف» ... وذلك تسهيلا على الطالب واختصارا لوقته.
- ترقيم الأحاديث المخرجة ترقيما تسلسليا.
- تصويب ما وقع فيه تصحيف أو تحريف.
- تخريج الآيات وذلك بذكر اسم السورة ورقم الآية.
- شرح بعض المفردات الغربية.
هذا ونسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل متقبلا وأن ينفع به المؤمنين إنه خير سميع وخير بصير، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.