قال الشيخ موفق الدين المقدسي: «كان ابن الجوزي إمام عصره في الوعظ، وصنّف في فنون العلم تصانيف حسنة، وكان صاحب فنون، وكان يدرّس الفقه ويصنّف فيه، وكان حافظا للحديث وصنّف فيه..» .
وقال ابن رجب: نقم عليه جماعة من مشايخ أصحابنا وأئمتهم ميله إلى التأويل في بعض كلامه، واشتدّ نكيرهم عليه في ذلك.. ولا ريب أن كلامه في ذلك مضطرب مختلف وهو وإن كان مطلقا على الأحاديث والآثار فلم يكن يحلّ شبه المتكلمين وبيان فسادها.
وكان ابن الجوزي معظّما لأبي الوفاء بن عقيل متابعا لأكثر ما يجده من كلامه، وإن كان قد ردّ عليه في بعض المسائل. وكان ابن عقيل بارعا في الكلام، ولم يكن تامّ الخبرة بالحديث والآثار.
فلهذا يضطرب تأويله في هذا الباب وتتلوّن فيه آراؤه. وأبو الفرج تابع له في هذا التلوّن.
وتصانيف ابن الجوزي كثيرة جدة بلغت، فيما قيل، خمسين ومائتين كتاب، وقد نقل ابن رجب عن ابن القطيعي أن ابن الجوزي ناوله كتابا بخطه سرد فيه تصانيفه.
قال ابن الجوزي: أول ما صنّفت وألّفت ولي من العمر ثلاث عشرة سنة.
ومن تصانيفه في التفسير: المغني- تذكرة الأريب في معرفة الغريب- نزهة العيون النواظر في الوجوه والنظائر- عمدة الراسخ في معرفة المنسوخ والناسخ- زاد المسير في علم التفسير وهو الكتاب الذي نقدّم له.
وفي التوحيد وعلم الكلام: دفع شبه التشبه- منهاج الوصول إلى علم الأصول.
وفي علم الحديث: جامع المسانيد- غرر الأثر- الموضوعات- العلل المتناهية في الأحاديث الواهية.
كما صنف في الفقه وفي التاريخ والوعظ وعلم الرجال (?) .
توفي ابن الجوزي ليلة الجمعة بين العشاءين الثاني عشر من شهر رمضان سنة 597 هـ/ 1201 م، وله من العمر سبع وثمانون سنة. وحملت جنازته على رؤوس الناس، وكان الجمع كثيرا جدا، ودفن بباب حرب عند أبيه بالقرب من الإمام أحمد بن حنبل. وكان يوما مشهودا حتى قيل: إنه أفطر جماعة من كثرة الزحام وشدة الحر. وكان قد أوصى أن يكتب على قبره هذه الأبيات:
يا كثير العفو يا من ... كثرت ذنوبي لديه
جاءك المذنب يرجو ... الصّفح عن جرم يديه
أنا ضيف وجزاء ... الضيف إحسان إليه