الذين كانوا يظهرون للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم من الإيمان ما يلقون رؤساءهم بضدّه، قاله الحسن.

فأما التفسير: ف «إلى» : بمعنى «مع» ، كقوله تعالى: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ «1» أي: مع الله.

والشياطين: جمع شيطان، قال الخليل: كل متمرّد عند العرب شيطان. وفي هذا الاسم قولان:

أحدهما: أنه من شطن، أي: بعد عن الخير، فعلى هذا تكون النون أصليَّة. قال أميَّة بن أبي الصَّلت في صفة سليمان عليه السلام:

أيما شاطنٍ عصاه عكاه ... ثم يُلقى في السّجن والأغلال

عكاه: أوثقه. وقال النابغة:

نأت بسعاد عنك نوىً شطون ... فبانت والفؤاد بها رهين

والثاني: أنه من شاط يشيط: إِذا التهب واحترق، فتكون النون زائدة. وأنشدوا:

وقد يشيط على أرماحنا البطل «2»

أي: يهلك. وفي المراد: بشياطينهم ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم رؤوسهم في الكفر، قاله ابن مسعود، وابن عباس، والحسن، والسّدي. والثاني: إِخوانهم من المشركين، قاله أبو العالية، ومجاهد.

والثالث: كهنتهم، قاله الضَّحاك، والكلبي.

قوله تعالى: إِنَّا مَعَكُمْ. فيه قولان: أحدهما: أنَّهم أرادوا: إنا معكم على دينكم.

والثاني: إِنا معكم على النّصرة والمعاضدة. والهزء: السّخرية.

[سورة البقرة (?) : آية 15]

اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15)

قوله تعالى: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ. اختلف العلماء في المراد، باستهزاء الله بهم على تسعة أقوال:

أحدها: أنه يفتح لهم باب من الجنة وهم في النار، فيسرعون إليه فيغلق، ثم يفتح لهم باب آخر، فيسرعون فيغلق، فيضحك منهم المؤمنون. روي عن ابن عباس. والثاني: أنه إذا كان يوم القيامة جمدت النَّار لهم كما تجمد الإِهالة «3» في القدر، فيمشون فتنخسف بهم. روي عن الحسن البصري.

والثالث: أن الاستهزاء بهم: إذا ضرب بينهم وبين المؤمنين بسور له باب، باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب، فيبقون في الظلمة، فيقال لهم: ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً «4» ، قاله مقاتل. والرابع: أن المراد به: يجازيهم على استهزائهم، فقوبل اللفظ بمثله لفظاً وإن خالفه معنى، فهو كقوله تعالى:

وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها «5» ، وقوله: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ «6» . وقال عمرو بن كلثوم:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015