منه، فقال: «والله لأمثلن بسبعين منهم» ، فنزل جبريل، والنبيّ صلى الله عليه وسلم واقف، بقوله: وَإِنْ عاقَبْتُمْ إِلى آخرها، فصبر رسول الله وكفَّر عن يمينه، قاله أبو هريرة.
(885) وقال ابن عباس: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة قد شُق بطنه، وجُدِعت أذناه، فقال: «لولا أن تحزن النساء أو تكون سنَّة بعدي لتركته حتَّى يبعثه الله من بطون السباع والطير ولأقتلنَّ مكانه سبعين رجلا منهم» ، فنزل قوله: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ إِلى قوله: وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ.
(886) وروى الضحاك عن ابن عباس أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذٍ: «لَئِن ظفرتُ بقاتل حمزة لأمثلنَّ به مثلة تتحدث بها العرب» ، وكانت هند وآخرون معها قد مثّلوا به، فنزلت هذه الآية.
(887) والثاني: أنه أصيب من الأنصار يوم أُحدٍ أربعة وستون، ومن المهاجرين ستة منهم حمزة، ومثَّلوا بقتلاهم، فقالت الأنصار: لَئِن أصبنا منهم يوماً من الدهر، لنزيدنَّ على عِدَّتهم مرتين، فنزلت هذه الآية، قاله أُبيُّ بن كعب.
(888) وروى أبو صالح عن ابن عباس: أن المسلمين قالوا: لَئِن أمكننا الله منهم لنمثِّلنَّ بالأحياء فضلا عن الأموات، فنزلت هذه الآية، يقول: إِن كنتم فاعلين، فمثِّلوا بالأموات، كما مثَّلوا بأمواتكم.
قال ابن الأنباري: وإِنما سمّى فعل المشركين معاقبة وهم ابتدءوا بالمثلة، ليزدوج اللفظان، فيخف على اللسان، كقوله: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها «1» .
فصل: واختلف العلماء، هل هذه الآية منسوخة، أم لا؟ على قولين «2» : أحدهما: أنها نزلت قبل (براءة) فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقاتل من قاتله، ولا يبدأ بالقتال، ثم نسخ ذلك، وأمر بالجهاد، قاله