فذلك اختلافهم، فلما رأى موسى حرصهم على السبت، أمرهم به، فاستحلوا فيه المعاصي. وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: رأى موسى رجلاً يحمل قصباً يوم السبت، فضرب عنقه، وعكفت عليه الطير أربعين صباحاً. وذكر ابن قتيبة في (مختلف الحديث) : أن الله تعالى بعث موسى بالسبت، ونسخ السبت بالمسيح. والثاني: أنّ بعضهم استحلّه، وبعضهم حرّمه، قاله قتادة.
ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)
قوله تعالى: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ قال ابن عباس: نزلت مع الآية التي بعدها، وسنذكر هناك السبب. فأما السبيل، فقال مقاتل: هو دين الإِسلام. وفي المراد بِالْحِكْمَةِ ثلاثة أقوال «1» : أحدها:
أنها القرآن، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: الفقه، قاله الضحاك عن ابن عباس. والثالث:
النبوَّة، ذكره الزجاج. وفي وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ قولان «2» : أحدهما: مواعظ القرآن، قاله أبو صالح عن ابن عباس «3» . والثاني: الأدب الجميل الذي يعرفونه، قاله الضحاك عن ابن عباس. قوله تعالى:
وَجادِلْهُمْ في المشار إِليهم قولان: أحدهما: أنهم أهل مكّة، قاله أبو صالح. والثاني: أهل الكتاب، قاله مقاتل. وفي قوله: بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ثلاثة أقوال: أحدها: جادلهم بالقرآن. والثاني: ب «لا آله إِلاّ الله» ، روي القولان عن ابن عباس. والثالث: جادلهم غير فظٍّ ولا غليظ، وأَلِنْ لهم جانبك، قاله الزجاج. وقال بعض علماء التفسير: وهذا منسوخ بآية السيف «4» . قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ المعنى: هو أعلم بالفريقين، فهو يأمرك فيهما بما فيه الصلاح.
وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)
قوله تعالى: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ في سبب نزولها قولان:
(884) أحدهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرف على حمزة، فرآه صريعاً، فلم ير شيئا كان أوجع لقلبه