فها أَنا أبْكِي عَلَيْهِ بِدَم أساله، وأنهل فِيهِ أسا لَهُ، وأعلل بذكراه قلبا صدعه، وأودعه من الوجد مَا أودعهُ لما خدعه ثمَّ فلاه وودعه، وأنشق رياه أنف ارتياح قد جدعه، وأستعديه على ظلم ابتدعه.
(خليلي هَل ابصرتما أَو سمعتما ... قَتِيلا بَكَى من حب قَاتله قبلي)
فلولا عَسى الرَّجَاء، وَلَعَلَّه لَا بل شَفَاعَة الْمحل الَّذِي حلّه، لمزجت الحنين بالعتب، وبثثت كِتَابه كمنا فِي شعاب الْكتب، تهز من الألفات رماحا خزر الأسنة، وتؤثر من النونات أَمْثَال القسى المرنة، وتقود من مَجْمُوع الطرس وَالنَّفس، بلقا تردى فِي الأعنة، لكنه أدّى إِلَى الْحرم الْأمين، وتفيأ ظلال الْجوَار الْمُؤمن من معرة الغوار عَن الشمَال وَالْيَمِين، حرم الْخلال المزنية، والظلال اليزنية، والهمم السّنيَّة، والشيم الَّتِي لَا ترْضى بالدون وَلَا بالدنية، حَيْثُ الرفد الممنوح، وَالطير الميامن، يزْجر لَهَا السنوح، والمثوى الَّذِي إِلَيْهِ مهمى تقارع الْكِرَام على الضيفان حول جوابي الجفان الجنوح:
(نسب كَأَن عَلَيْهِ من شمس الضُّحَى ... نورا، وَمن فلق الصَّباح عمودا)
وَمن حل بِتِلْكَ المثابة، فقد اطْمَأَن جنبه، وتغمد بِالْعَفو ذَنبه وَللَّه در الْقَائِل:
(فوحقه لقد انتدبت لوصفه ... بالبخل لَوْلَا أَن حمصا دَاره)
(بلد مَتى اذكره تهتج لوعتي ... وَإِذا قدحت الزند طَار شراره)
اللَّهُمَّ غفرا، وَأَيْنَ قرارة النخيل من مثوى الأقلف الْبَخِيل، ومكذبة المخيل، وَأَيْنَ ثَانِيَة هجر من متبوأ من الْجد وفجر:
(من أنكر غيثا منشأه ... فِي الأَرْض وَلَيْسَ بمخلفها)
(فبنان بني مزني مزن ... تنهل بلطف مصرفها)