وَمن ذَلِك مَا خاطبت بِهِ الرئيس أَبَا زيد بن خلدون لما ارتحل من بَحر المرية، وَاسْتقر بِبَلَدِهِ بسكرة، عِنْد رييسها الْعَبَّاس بن مزنى صُحْبَة رِسَالَة خطها أَخُوهُ أَبُو زَكَرِيَّا وَقد تقلد كِتَابَة صَاحب تلمسان وَوصل مِنْهُ من إنشائه
(بنفسي وَمَا نَفسِي على بهينة ... فينزلني عَنْهَا المكاس بأثمان)
(حبيب نأى عني وصم لأنني ... وراش سِهَام الْبَين عمدا وأهمان)
(وَقد كَانَ هم الشيب لَا كَانَ كَافِيا ... فقد عادني لما ترحل همان)
(شرعت لَهُ من دمع عَيْني موردا ... وكدر شربي بالفراق وأخمان)
(وأرعيته من حسن عهد حميمه ... فأجدب آمالي وَسكن أزمان)
(حَلَفت على مَا عِنْده لي من رضَا ... قِيَاسا بِمَا عِنْدِي فأحنث إِيمَان)
(وَإِنِّي على مَا نالني مِنْهُ من قلى ... لأشتاق من لقيَاهُ نغبة ظمآن)
(سَأَلت جنوني فِيهِ تقريب عَرْشه ... فقست بجن الشوق جن سُلَيْمَان)
(إِذا مَا دَعَا دَاع من الْقَوْم باسمى ... وَثَبت وَمَا استتبت شِيمَة هيمان)
(وتا الله مَا أصغيت فِيهِ لعاذل ... تحاميته حَتَّى ارعوى وتحامان)
(وَلَا استشعرت نَفسِي برحمة عَائِد ... تظلل يَوْمًا مثله عبد رحمان)
(وَلَا شَعرت من قبله بتشوق ... تخَلّل مِنْهَا بَين روح وجثمان)
أما الشوق فَحدث عَن الْبَحْر وَلَا حرج، وَأما الصَّبْر فاسأل بِهِ أَيَّة درج، بعد أَن تجَاوز اللوى والمنعرج. لَكِن الشدَّة تعشق الْفرج، وَالْمُؤمن ينسق من