وَإِن كَانُوا هم أقل عددا، ولأصابتهم الْأُمَم الْكَافِرَة وَإِن كَانَت أَكثر جمعا وَأظْهر عددا، صَلَاة لَا تَنْقَطِع أبدا، ورضا لَا يبلغ أمدا. فَإنَّا كتبناه إِلَيْكُم، كتبكم الله مِمَّن امْتَلَأَ قلبه غَضبا لله وحمية، وَرمى بفكرة عقله غَرَض الصَّوَاب فَلم يخط مِنْهُ هدفا وَلَا رمية. وَقد اتَّصل بِنَا الْخَبَر الَّذِي يُوجب نصح الْإِسْلَام، ورعى الْجوَار والذمام، وَمَا جعل الله للْمَأْمُوم على الإِمَام، أيقظكم من مراقدكم المستغرقة، وَجمع أهواءكم المتفرقة، وَهُوَ أَن كَبِير دين النَّصْرَانِيَّة، الَّذِي إِلَيْهِ ينقادون، وَفِي مرضاته يصافون ويعادون، وَعند رُؤْيَة صليبه يكبون ويسجدون، لما رأى أَن الْفِتَن قد أكلتهم خضما وقضما، وأوسعتهم هضما، فَلم تبْق عصما وَلَا عظما، وَنَثَرت مَا كَانَ نظما، أعمل نظره فِي أَن يجمع مِنْهُم مَا افترق، وَيرْفَع مَا طرق، ويرفأ مَا مزق الشتات وخرق، فَرمى الْإِسْلَام بِأمة عَددهَا الْقطر المنثال، وَالْجَرَاد الَّذِي تضرب بِهِ الْأَمْثَال، وعاهدهم، وَقد حضر التمثال، وَأمرهمْ وشأنهم الِامْتِثَال، أَن يهشوا لمن ارْتَضَاهُ من أمته الطَّاعَة، ويجمعوا فِي مِلَّته الْجَمَاعَة. ويطلع الْكل على هَذِه الفئة القليلة الغريبة بَغْتَة كقيام السَّاعَة، وأقطعهم، قطع الله بِهِ الْبِلَاد والعباد والطارف والتلاد، وسوغهم الْحرم وَالْأَوْلَاد، وَبِاللَّهِ نستدفع مَالا نطيقه، وَمِنْه نسل عَادَة الْفرج، فَمَا سد طَرِيقه. إِلَّا أننا رَأينَا غَفلَة النَّاس عَن تصميمهم، موذنة بالبوار، وأشفقنا للدّين الْمُنْقَطع من وَرَاء الْبحار، وَقد أصبح مُضْغَة فِي لَهَوَات الْكفَّار، وأردنا أَن نهزكم بالمواعظ الَّتِي تكحل الْأَبْصَار بميل الاستبصار، ونلهمكم إِلَى الِانْتِصَار بِاللَّه عِنْد عدم الْأَنْصَار، فَإِن جبر الله الخواطر بالضراعة إِلَيْهِ والانكسار، وَنسخ الْإِعْسَار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015