الضنانة والغيرة، فَإِن أنشأ الله ريح الحمية، ونصرت النُّفُوس على الخيالات الوهمية، فَإِن الْعِزَّة لله وَرَسُوله وَالْمُؤمنِينَ، وَالله متم على رغم الجاحدين وَكره الْكَافرين. فكم من فِئَة قَليلَة غلبت فِئَة كَثِيرَة، بِإِذن الله، وَالله مَعَ الصابرين. واعتقدوا أَن الله لم يَجْعَل الظُّهُور مَقْرُونا بِعَدَد كثير، وجراد مزرعة أثارها مثير. إِنَّمَا هُوَ إخلاص لَا يَنْبَغِي لغير الله افتقارا، ونفوس توسع مَا سوى الْحق اختصارا، ووعد يصدق، وبصائر أبصارها إِلَى مثابة الْجَزَاء تحدق. وَهَذَا الدّين ظهر مَعَ الغربة، [وشطب الْقرْبَة] ، فَلم ترعه الأكاسرة وقيولها، والأقاصرة وفيولها. دين حنيف، وَعلم منيف من وُجُوه شطر الْمَسْجِد الْحَرَام تولى، وآيات على سَعَة الأحرف تتلى، وَزَكَاة من الصميم تنتقى، وَصَوْم بِهِ إِلَى المعارج يرتقى، وَحج وَجِهَاد، ومواسم وأعياد، لَيْسَ إِلَّا تَكْبِير جهير، وأذان شهير، وَقُوَّة تعد، وثغور لِلْإِسْلَامِ تسد، وَنَبِي يقسم، وفجر يرسم، ونصيحة تهدى، وَأَمَانَة تبدى، وَصدقَة تخفى وتبدى، وصدور تشرح وتشفى، وَخلق من خلق الْقُرْآن تحدى، قبض النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وَهَذَا العقد تسجل، والموعد بِهِ قد عجل: {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي ورضيت لكم الْإِسْلَام دينا} ، وَلَا يَنْقَطِع لهَذَا الْفَرْع عَادَة وصلَة مَا دَامَ شَبِيها بِأَصْلِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ جلب لكم زبدته المخضوضة، [وخلاصته الممحوضة] وَالْعَاقبَة لِلْمُتقين. ولتعلمن نبأه بعد حِين، وحضرتكم الْيَوْم قَاعِدَة الدّين، وَغَابَ الْمُجَاهدين. وَقد اخترعت بهَا أيامنا هَذَا وَأَيَّام الْمُقَدّس والدنا الْآثَار الْكِبَار، والحسنات الَّتِي تنوقلت بهَا الْأَخْبَار، وأغفلت إِلَى زمتكم الْحَسَنَة المذخورة، والمنقبة المبرورة. وَهِي ميارستان يضم مِنْكُم المرضى المطرحين، والضعفاء المغتربين مِنْهُم والمنتزحين فِي كل حِين، فَأنْتم تطئونهم بالأقدام على مر الْأَيَّام، ينظرُونَ إِلَيْكُم بالعيون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015