مجدكم، فإننا لما ورد علينا كتابكُمْ الَّذِي كف وكفا، وداوى بِخَبَر شفائكم وشفا، وَقد كَانَت الْحَال على شفا، وَسكن من الآمال، مَا كَانَ هفا، وَنظر فِي موضوعي المودود وَالْمَكْرُوه، فَأثْبت ونفا، وَأخْبر بذهاب البوس، وتنفيس الله عَن النُّفُوس، وأضفى السرُور وأسبغ اللبوس، وأضحك وَجه الزَّمَان العبوس، راجعنا نشكر صنع الله، فِيمَا تخلق بِهِ طيف ذَلِك الْأَلَم من التَّخْفِيف، ونسله أَن يعظم، وَقد فعل أجر المضيف، ونثني بِذكر مقامكم فِي تَعْجِيل التَّعْرِيف، وإطلاع صبح البشاير فِي جنح الْخطب المخيف. ثمَّ إِن نفس الشفيق لَا تقنع فِي مثل هَذَا بِخَبَر وَاحِد، وَلَا تجتزى بمعان مُفْرد أَو مشَاهد، حَتَّى يتَّصل التَّحْقِيق، ويتضح الطَّرِيق، وتقوى قُوَّة التَّصَوُّر والتصديق. فوجهنا من يُبَاشر أَحْوَال ذَلِك الْمقَام، الَّذِي صَلَاح الْأُمُور بصلاح أمره مَنُوط، والسعادة مَعَ استقامة عافيته شَرط ومشروط. فَإِنَّكُم الْعدة الَّتِي تمد الْيَد إِلَى نَصره، كلما طمح الْعَدو إِلَى اعتدائه، أَو جمع فِي غلوائه، والثمال الْمعول عَلَيْهِ فِي ابْتِدَاء كل أَمر وانتهائه. وَنحن أَولا وآخرا نشكر الله على مَا من بِهِ من عصمَة ذَاته، ونسله دوَام ستره عَلَيْهِ واتصال حَيَاته، ونعتد بِهِ على ابْتِغَاء مَا فِيهِ ابْتِغَاء خير مَا عِنْد الله، والتماس مرضاته، فَهَذِهِ الْبِلَاد لَا تجْهَل مَا سلف فِيهَا لسلفه الأرضي، من أَعمال أمنت الْخَائِف، وأجزلت اللطائف، وأنست الْأَمْلَاك الْمَاضِيَة والخلائف، وطرزت بِالْبرِّ الصحائف، وَهُوَ إِن شَاءَ الله يُربي على الْمَاضِي بمستقبله، وينسى بِآخِرهِ أَوله، حَتَّى يزكو فِي الْبر عمله، ويساعده فِي ابْتِغَاء الْفَخر، وَبَقَاء الذّكر أمله بحول الله. واخترنا لتقرير هَذَا الْفَرْض الأكيد، وَالْقَصْد السديد، من يقوم فِيهِ بالْمقَام الحميد، وينتقل إِلَى مرتبَة الِاجْتِهَاد عَن مرتبَة التَّقْلِيد، ذَلِك القايد الكذا، وألقينا إِلَيْهِ مَا يلقيه إِلَيْكُم، ويورده عَلَيْكُم، وَأَنْتُم تولونه برا وإقبالا، وتفتحون لَهُ فِي الإصغاء إِلَى مَا عِنْده مجالا بحول الله، وَالله يصل سعادتكم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015