وَثَبت أَيْضا فِي صدر كتابي الَّذِي يشْتَمل على " تَارِيخ غرناطة " فِي إثني عشر سفرا، مَا نَصه:
[أما بعد حمد الله، الَّذِي أحصى الْخَلَائق عددا، وابتلاهم الْيَوْم لِيَجْزِيَهُم غَدا، وَجعل جيادهم تتسابق فِي ميادين الْآجَال إِلَى مدا، وباين بَينهم فِي الصُّور والأخلاق، والأعمال والأرزاق، فَلَا يَجدونَ عَمَّا قسم محيصا، وَلَا فِيمَا حكم ملتحدا، ووسعهم علمه على تبَاين أفرادهم، وتكاثف أعدادهم، والدا وَولدا، ونسبا وبلدا، ووفاة ومولدا. فَمنهمْ النبيه والخامل، والحالي والعاطل، والعالم وَالْجَاهِل، وَلَا يظلم رَبك أحدا. وَجعل لَهُم الأَرْض ذلولا، يَمْشُونَ فِي مناكبها، ويتخذون من جبالها بُيُوتًا، وَمن متاعها عددا. وَخص بعض أقطارها بمزايا تَدْعُو إِلَى الأغتباط والأعتمار، وتحث على السّكُون والاستقرار، متبوءا فسيحا، وهوءا صَحِيحا، وَمَاء نميرا، وإمتناعا شهيرا، وَرِزْقًا رغدا. فسبحان من جعل التَّفَاضُل فِي المساكن والساكن، وَعرف الْعباد عوارف اللطف، فِي الظَّاهِر وَالْبَاطِن، وَلم يتْرك شَيْئا سدا.
وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد، رَسُوله، الَّذِي مَلأ الْكَوْن نورا وَهدى، وأوضح سَبِيل الْحق وَقد كَانَ طرايق قددا، أَعلَى الْأَنَام يدا، وأشرف الْخلق ذاتا، وَأكْرمهمْ محتدا، الَّذِي أنْجز الله بِهِ من نصر دينه [الْحق]