فعمال الله عز وجل ثلاثة أصناف، عامل يعمل على الترائي، فلا يترك زينة، ولا مبادرة، ولا سرعة، ولا خفة يد، ولا طهارة، ولا تعظيماً، ولا وجازة، ولا مسابقة إلا جاء بها، يريد أن يتحلى بذلك عند مولاه عز وجل، وعامل ليس له هذا الترائي، وهو محجوب القلب عنه بالشهوات، صادق في ابتغاء مرضاته، ذاكر للعرض عليه، فلا يتزين، ولا يبادر، ولا يعظم، ولا يسارع، ولا يوجز، ولا يسابق، ولكنه يعمل على الأحكام وحفظ الحدود، وإتمام الأمر بالأركان. وعامل لا يذكر رؤية ربه عز وجل أنه ناظر إليه في هذا العمل، ولا هو ذاكر لعرض الأعمال يوم القيامة، فهو يعمل على الغفلة على التجويز، فإنما يعمل كل صنف منهم علة نوره الذي في صدره.
فجملة ما وصفنا من أمر السير إلى الله تعالى أن يتقى فرح النفس، أن يتركها حتى تفرح بشيء من أحوالها، أو بتناولها من الدنيا وأعمال البر، كلما ظهر فرحها نغص عليها بالمنع لها، والانتقال عنه حتى يملأ غماً، فيذوب الفرح الذي يتأدى إلى القلب، ويظهر النور، ويظهر في ذلك النور الفرح بالله عز وجل، لأن ذاك النور يؤديه إلى صفات الله عز وجل، وإلى عظمته وجلاله، وجماله وكبريائه، وبهائه وسؤدده، وكمه وجوده، وبره ولطفه، ومننه وإحسانه ورحمته؛