رياض النفوس (صفحة 991)

والله عزّ وجلّ معك في كلّ / مكان وهو الرازق، فاصبري هاهنا واقعدي في هذه الخلوة، فبينما هو كذلك جالس إذ رأى شبحا في الصحراء مقبلا إليه [فلما وصل] سلّم [عليه] واستسقى (الماء) وسقى دابته، فقال في نفسه: هذا رجل قد تاه وانقطع، وأضعفه الجوع - قال: وزهرون من الشّموس والتعفار قد تغيّر حتى صار كالشنّ البالي -.قال: ففتح سفرة فيها طعام، فقال له: تعال نأكل، فلم يكلّمه، فقال الرجل: عزّ عليّ، قد بلغ منه الجوع وأضعفه، فقام إليه بالسفرة ووضعها بين يديه. وقال له: كل، فلم يكلمه ولا أكل، فقال: لا حول ولا قوة إلاّ بالله: قد بلغ منه الجوع، فأخذ اللقمة وأتى بها إلى فيه، فوجد أسنانه مشدودة، (قال): فأخذ يعالج أسنانه حتى فتحها، (قال): فقال زهرون لنفسه: (هيه) هذا رزق جاءك كرها، (يا هذه) سواء عليك أخذت عمارة أو قفارا، لو شاء الله تعالى أن لا يعطف عليك أولائك الذين على طريق العمارة لفعل. وإنما هو رزق لك عند الله مفروغ منه أخذت عمارة أو قفارا. فالزمي طريقك وسلّمي الأمر لله. (قال): ثم أكل من الطعام الذي أتى به الشيخ. فقال له الشيخ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015