رياض النفوس (صفحة 932)

قال أحمد بن ثابت صهر العسال: دخلت يوما على ربيع القطان أزوره، فأصابني بول فقمت إلى مرحاضه فأصبته قد عشّش عليه العنكبوت من قلة دخوله فيه.

وكان قد نحل جسمه (ورق عظمه) حتى صار كالعود اليابس من صيام النهار وقيام الليل.

قال أحمد: وسمعت أخي ربيعا يقول: إني لأستغفر الله عزّ وجلّ من ليال كنت أدرس فيها لأخطئ أبا الفضل الممّسي.

وكان [قد] جعل على نفسه ألاّ يشبع من طعام ولا نوم حتى يقطع الله عزّ وجلّ دولة بني عبيد. فختم الله تعالى له بالشهادة في قتالهم.

قال أبو محمد عبد الله بن يوسف الجبي المتعبد بالمنستير: كنت يوما جالسا عند ربيع القطان / والمجلس محتفل، فوقع بقلبي شيء فأقلقني، فتربصت لينصرف الناس فلم أقدر، وقمت قائما وقلت: أصلحك الله عزّ وجلّ، مسألة، فنظر إليّ وقال لي: اجلس فجلست ساعة، فاحترق قلبي فقمت فأعدت الكلام، فنترني وقال: اجلس، فغضبت وقلت له: ويحك، يحلّ لك تكتم العلم؟ ثم خرجت، فأقمت أياما ثم قلت لنفسي: حيث قطعت حظك من ربيع [فلن] يبالي هو بك، مضيت إليه أم تأخرت عنه، إنما وقع الضرر بك لما يفوتك منه من الخير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015