رياض النفوس (صفحة 853)

من فكر اعتبر، ومن اعتبر ادكر، ومن ادكر انزجر، ومن انزجر راقب الموت، قال الله عزّ وجلّ في كتابه العزيز: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماااتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ}.

وقال:

يا أخي اجعل قصدك التوكل على الله تعالى يكفك، وإياك وما يلهيك ويطغيك وينسيك، وضم إلى نفسك الصبر، واعقد على قلبك البر، وكف بصرك ولسانك (عن الإثم، واحتمل مرارة الذل في الله، وتجرع غصص الأذى، تكن من المقربين غدا، وصم عن الدنيا وافطر على الموت، وبادر الفوت، وخف ذنبك / وارج ربك) وابك على خطيئتك، وناج ربك في الظلم إذا هدأت العيون وعانق الرجال نساءهم وتلذذوا بهنّ وفرحت قلوبهم بشهوات المتع، ونالوا من ذلك عظيم الخطر، فاذكر عند ذلك سرعة زواله عنهم ثم ما يساويه ويعارضه من التبغيض ونزول الآجال وفرقة الأحباب حتى تصير فريدا قد عانق الهم والحزن، وذهبت عنه خبيئة نفسه فصارت في قعر الحفر فلا رجعة لها إليه.

وقال أبو الفضل:

من رد بصره عن شيء لا يحل له النظر إليه وهو يشتهي النظر إلى ذلك إجلالا لله تعالى وتعظيما، أعقبه الله عزّ وجلّ عبادة يجد حلاوتها في قلبه ومن أطاع نفسه وهواه وتابع النظر إلى ذلك كان سهما من سهام إبليس يصيب قلبه أبدا، فاطلب أبدا، بالعمل الصالح، زكاة نفسك عند الله تعالى، ما نحن - والحمد لله - إلاّ كرجل عطب في لجج البحار وقد تعلق بخشبة فهي ترفعه وتضعه وهو يقول: يا رب، يا رب، عسى (الله تعالى) أن ينجيه، فقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015