رياض النفوس (صفحة 848)

ويعزم على بغض الدنيا، فيتركها لربه، فذلك الكريم حقا.

وقال أيضا:

من كشف عن قلبه أمر الدنيا، نظر إلى ثواب نور الآخرة، ومن اليقين ترك ما يرى لما لا يرى. ومن ساس نفسه بالجوع وقي شرها، وخشوع القلب قيد العين عن النظر، وما رأيت لسان واعظ أطول من لسان المقابر، وحرام على قلب يلج ملكوت السماء وهو يجد لذة الطعام، ومن فقد نفسه وجد ربه.

وثلاثة أشياء من أخلاق المرسلين: تعذيب النفس في طاعة الله عزّ وجلّ، وتحبيب الله عزّ وجلّ إلى خلقه، وتصغير الدنيا. والدنيا تغرّ الجاهل بلذاتها، وتعمّ الصالح بآفاتها.

وقال:

لست أبكي على نفسي إن ماتت، ولكن أبكي على حاجتي إن فاتت، سيدي قسا قلبي وجهلت أمري، فمن لي إن لم ترحمني؟ سيّدي وفي غربة القيامة من يؤنسني؟ ومن أهوالها من ينقذني؟ سيدي [و] حوض محمد صلّى الله عليه وسلم من يوردني؟ وعند الميزان من يحضرني؟ وعلى طريق النجاة من يدلّني؟ وبين العراة الحفاة من يسترني؟ ومن أيدي الخصماء من ينزعني؟ وعلى جسر جهنم من يجيزني؟ / أبعد الإيمان [بك] إلهي تعذبني؟ يا ليت [أمي] لم تلدني! إلهي! أأنا أنسى أياديك عندي! ألست الذي أعطيتني الإسلام الذي ارتضيته! وجنّبتني الأهواء ووفقتني! ألست الذي جمّلتني بالعلم وهديتني! وألبستني ثوب التقى وأكرمتني! ألست الذي أقلتني وسترتني! فلك الحمد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015