رياض النفوس (صفحة 843)

قال أبو الربيع سليمان: أخبرني فتحون القصري، قال: نزلت على أبي الفضل - رضي الله عنه - فحملت إليه هدية: عسلا وسميدا وكعكا، فوضعت ذلك بين يديه (فقال لي: ما هذا)! قلت له: هدية مني إليك - أصلحك الله - فقال: يا أبا نصر أسأل الله عزّ وجلّ أن يعظم ثوابك، اليوم لي ثلاثون سنة ما أكلت شيئا من هذه الطرائف التي أتيت بها إنما وظيفتي من الشهر إلى الشهر بقيراط شعير، وإنما ينعم الناس ويأكلون غدا، لم أسكن هذه الحصون لآكل بديني، فيقال: فلان الصالح يهدى إليه، فرّقها يا أبا نصر على الضعفاء [ففعلت] فأخرجت له خريطة فيها دراهم / فقلت له: يا سيدي يا أبا الفضل فرّق هذه على من يستحقها؟ فقال لي: ما أفعل إنما أفرق مالي، وأمّا مالك فأنت تسأل عنه يوم القيامة.

ويذكر عنه أنه خرج يوما من سوسة يريد المنستير فمرّ بطفل صغير يبكي بدموع حارّة مع أمّه، وقد حاذت به حانوتا لرجل بين يديه سفنج فقال لأم الطفل: ما لهذا الصبيّ يبكي؟ فقالت له: مشيت وهو معي، فلمّا رأى هذه اشتهاها وقال لي: اشتر لي منها، فقلت له: يفتح الله (عزّ وجلّ وأشتري لك)، ولطفت به، فجعل يبكي كما ترى، فقال لها: أبوه حيّ أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015