رياض النفوس (صفحة 841)

قال أبو عبد الله الخراط: كان كثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صالحا، فاضلا، ثقة. ألّف في الأحمية كتابا وما يجب على سكان الحصون [أن يعملوا به، فكان سكان الحصون] يبغضونه لذلك ويؤذونه.

سمع من يحيى بن عمر ومن فرات بن محمد العبدي وغيرهما. كان يخبز قوته فيثرده وهو سخن بالزيت ويجعله في إناء ويفطر كل ليلة على شيء يسير منه، وكان يسرد الصيام طول عمره، وأقام أربعين سنة ما طبخ قدرا ولا أوقد في بيته مصباحا.

قال يونس القفصي: كنت أرى له قدرا موضوعة في مكان واحد وإلى جانبها حطب موضوع، أقمت زمانا أراها، فرفعت يوما الغطاء عنها / فإذا هي مملوءة بالعنكبوت.

قال يونس: وكنت إذا رابطت لم أزل ملازما [له] أتبرك بخدمته ومحادثته، وذلك في المنستير قبل خروجه إلى قصر سهل، فإني لجالس عنده إذ أخرج لي دقيقا، فأمرني بصدقته، ففعلت، ثم أخرج إليّ خبزا وأمرني بصدقته، ففعلت، ثم قال لي: لقد ضاقت نفسي من هذه الويبة، لي اليوم منذ طبختها ستون يوما. قال يونس: فقدّرت أنه كان فيما فرقته من دقيق وخبز مثل ثمنين قمحا، فكان قوت الشيخ في الستين يوما (الذي ذكر) ثمنين قمحا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015