رياض النفوس (صفحة 823)

وخرج أبو جعفر ليلة بقصر الطوب يكبّر على البحر ويتهجد فرأى رجلا في أعلى القصر ساكنا، فقال: يا هذا اذكر الله تعالى ولا تكن خلاء في خلاء. قال أبو حفص: يريد أبو جعفر لا تكن خلاء من الذكر في الأيام كما قال الله عزّ وجلّ: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيّامِ الْخالِيَةِ}.

/ قال أبو الأزهر: قلت لأبي جعفر الأربسي: (إنه) يتصل بنا عنه أنه لا ينام مضطجعا وإنما ينام جالسا محتبيا؟ فقال لي: نعم، هو أخبرني بذلك وقال: إنما أجد راحتي إذا جلست هكذا.

قال أبو الأزهر: فقلت له: بلغنا أن قوته ثمن قمح في شهر وهو ستة أمداد بمدّ النبي صلّى الله عليه وسلم؟ فقال: إنما كانت الخادم تعجن له نصف مدّ دقيق فربما أكل منه ليلتين وربما أكل منه ثلاث ليال. فقلت له: فمع هذا إدام؟ فقال لي: وما هذا الإدام؟ فقلت له: اللحم فقال لي: ما كان يأكل اللحم حين كان لحما فكيف حين صار جيفة - يعني لما اشتبهت أغنام الناس واختلطت في الحروب التي كانت - فقلت له: فالحيتان؟ فقال لي: ربما اشتهى منه هذا اللّجي (من أجل) انه ليس عليه قبالة.

قال أبو الأزهر: فقلت له: فعنده تين يابس أو غير ذلك يأتدم به [الخبز]، فقال لي: ما كان عنده تين، إنما كانت الخادم تطبخ له القدر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015