رياض النفوس (صفحة 820)

{وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ} ما زاد على ما هو فيه من العبادة والاجتهاد.

ذكر أن الحجام أراد أن يأخذ من شاربه شيئا فما قدر على ذلك من شغله بالذكر، فقال له: أصلحك الله، أتركني آخذ من شاربك شيئا، فقال له: يا هذا كلّ إنسان في شغله خذ ما أمكن.

وأهديت إليه رمّانة فأقامت عنده في الطاق مدة فدخل عليه بعض إخوانه، فقال له - أصلحك الله -[ما] لهذه الرمانة عندك مدة فما يمنعك من الانتفاع بها؟ فقال له: من يتفرغ لتحبيبها.

وذكر عنه: أنه جلس يوما ورأسه بين أطواقه وهو يدوي بذكر الله سبحانه وأبو جعفر الأربسي جالس يتحدث مع الناس حتى أخرج القمودي رأسه إليهم فقال لهم: اعتقاد ترك ما يكره الله عزّ وجلّ خير من كثير العمل، ثم ردّ رأسه كما كان، وأقبل على الذكر.

قال بعضهم: دخلت عليه أزوره فقال لي: تذكر شيئا؟ فقلت (له: لا) إنما اعتقدت زيارتك / (فقال لي): كتب الله تعالى لك ثواب الزائرين، قال: فخرجت من عنده وقام في وهمي أنه استثقلني فأنا خارج وإذا بقوم آخرين جاءوه زائرين فقلت: والله لأنتظرن هؤلاء حتى أرى هل يمكثون عنده شيئا، فما لبثت أن خرجوا من عنده من فورهم، فقلت لهم: ما وراءكم؟ فقالوا: دخلنا للشيخ فقال لنا: تذكرون شيئا إنّا قوم محفوزون (قال، فقلت: هذه لفظة زائدة على ما قال لي) فعلمت أنه مشتغل بذكر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015