رياض النفوس (صفحة 794)

والانتحاب، فهو كذلك حتى أصبح.

/ قال بعضهم: شهدت أبا سوادة المتعبد ليلة بقصر المنستير فسمعته يقرأ في أول الليل {لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} (فإذا بلغ {لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ}) رجع إلى قوله {لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها} لا يكاد يجاوز ذلك ويبكي وأنا أستمع إليه وقتا بعد وقت حتى طلع الفجر.

وذكر عنه أنه كان من البكائين وله في ذلك كثير.

ولمّا توفي أبو سوادة لم يبق أحد بالقيروان إلاّ شهد جنازته، وابراهيم القصري جالس في ذلك اليوم وحوله خلق عظيم، فنظر إلى النعش فصاح:

واعزهم في سواد الليل إذا قاموا من مضاجعهم إلى محاريبهم، واعزهم إذا انصدع الفجر فرحين مغتبطين (بما) آتاهم الله من المناجاة وقد أشرق نور في وجوه القوم يحبون الله عزّ وجلّ ويحبهم، لا يشغلهم عن الله تعالى شاغل، واعزهم إذا أشرقت الشمس عليهم وهم صائمون مخبتون متبتلون، واعزهم إذا توفتهم الملائكة طيّبين، واعزهم إذا خرجوا هذا الخروج.

وكان له / مقامات في ذلك مذكورة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015