رياض النفوس (صفحة 786)

أصحابه. ولي أبو عمرو مظالم القيروان ثم ولي بعد ذلك قضاء صقلية فلما ولي قضاءها اجتاز بسوسة (إليها) فقال لهم: يا أهل سوسة هذا كسائي وهذا فروي وجبّتي وخرج [فيه] كتبي وهذه السوداء تخدمني معها جبّة وكساء فبهذا دخلت عليكم وانظروا بأي شيء أرجع؟

[قال] قال أبو الربيع: فأخبرني سعيد بن (أبي) عثمان من أهل صقلية (قال) إنّه لما وصل إلينا قلنا له: هذه (دار) القضاء تنزل فيها. فقال:

هذه دار عظماء أيش أعمل فيها؟ فنزل في دويرة لطيفة. وكانت السوداء تغزل وتبيع غزلها وتنفق عليه من فضل ذلك فإذا ضرب أحد الباب خرجت إليهم فقالت: الساعة يخرج إليكم القاضي [فيخرج فيقضي بين الناس على بابه ثم يدخل. أقام على ذلك سنين إلى] أن اعتلّ فأقام ثلاثة أيام لم يخرج فقرع الناس الباب / فخرجت إليهم السوداء وقالت: ادخلوا عودوا القاضي فإنه مريض فدخلنا عليه فأصبنا وسادتين محشوتين بتبن عند رأسه وحصير بردي تحته فلما رآنا بكى ثم قال: اللهم تعلم أني اجتهدت ما استطعت. ثم خرج من صقلية وهو مريض وقال لأهلها: خلف الله عليكم بعدي بخير، فقالوا له:

صحبك الله بالعافية. فوصل إلى سوسة فقال (لهم): يا أهل سوسة، كما دخلنا عليكم كذلك) رجعنا إليكم، هذا كسائي وجبّتي وخرجي فيه كتبي وهذه السوداء تخدمني. رضي الله عنه وأرضاه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015