رياض النفوس (صفحة 778)

مدّة يسيرة ثم ابتلاه الله عزّ وجلّ بعلة عظم فيها جسده وانتفخ حتى صار كالعدل وتفجر بالدماء فكان إذا ألقي الرقيق من الأردية الشرب عليه صاح ثم رفع عينيه إلى السماء وشخص يقول: أنمروذ أنا؟ أفرعون أنا؟ أقارون أنا؟ ثم مات. خلد الله تعالى عليه ما هو فيه وبارك له في العذاب الذي صار إليه.

فذكر [أن] ابن أخت الغساني المقرئ عرض له أمر حوّج فيه إلى البغدادي كاتب عبيد الله فمضى إليه، فأنزله عنده فألفى عبيد الله في تلك العلّة. ثم مات عبيد الله، فأتى به البغدادي ليقرأ عند رأسه - وكان من أطيب الناس مساقا - وحول عبيد الله أبناؤه وهم يصرخون بالبكاء فقال لابن أخت الغساني: اقرأ. قال: فطلبت من القرآن ما أقرؤه فلم يتيسّر لي منه إلاّ قوله تعالى {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ / النّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ} قال: فطلبت أن أقرأ غير هذه الآية فلم أقدر على ذلك فكنت أردّدها حتى خشيت على نفسي أن يفيقوا من بكائهم فيعاقبوني ويقتلوني فتسلّلت حتى خرجت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015