رياض النفوس (صفحة 761)

فرأيته مستبشرا ومعه أبو يحيى الأطرابلسي والمارندي، فقال - بعد كلام دار بيننا - لقد أتاني إنسان طوال، بعيد الخطى من صفته كذا [وكذا] من جهة البرية - يعني السّبخة - فقمت إليه قصدا وهو قاصدي فسلّمت عليه ودار بيني وبينه كلام ووصية، (ثم فارقني).

فقلت له: يا أبا سعيد أظنّه الخضر - (عليه السلام) -

فقال لي: هو كذلك.

فسألناه أن يحكي لنا ما دار بينهما من الكلام / فأبى من ذلك.

وجرت عليه محنة على يدي المروذي - لعنة الله عليه - وذلك انه أحضره وقال له: بلغني عنك أشياء كثيرة يجب في أقل منها سفك (الدماء) ولئن لم تلزم العافية وتتبع ما يعنيك لأنزلنّ بك ما تستحقه. ثم أمر حاجبه فقنعه درات يسيرة.

قال المؤرخ: فلمت المروذي على فعله به وقلت له: لو صحّ قبله ذنب لوجب عليك حفظه لجده (قدس الله روحه ونور ضريحه) وتستجلب بذلك قلوب الصالحين. [قال] فقال لي: والله ما ضربته إلاّ شفقة عليه ونظرا له وذلك أن المشارقة أكثروا عليّ في أمره، فأردت أن أرضيهم بما فعلت خوفا أن يرفعوا خبره إلى السلطان فيكون في أمره أكثر ممّا كان، (ثم قال): وهل رأيتني (قط) عاقبت أحدا مثل ما عاقبته؟ رضي الله عنه وأرضاه -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015