رياض النفوس (صفحة 687)

عن نبيّه [صلّى الله عليه وسلم] في قوله لأبي بكر {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا} دلالة أن حزنه كان مسخوطا لأن النبي صلّى الله عليه وسلم نهاه عنه.

- فقال أبو عثمان: لم يكن قوله له إلاّ تبشيرا بأنه آمن على رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعلى نفسه معه ممّا كان يحذره من غلبة المشركين، وكان خوفه لما خاف من ذلك من أجل أنه لا يظهر على غيب ما تجري به مقادير الله عزّ وجلّ ورسول الله صلّى الله عليه وسلم ينزّل عليه الوحي بغيب ما يكون قبل أن يكون فكان في قوله: {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا} ما يبين أن الله معهما، بنصرته / إياهما وذلك لا يكون إلا بوحي من الله عزّ وجلّ وقد بيّن الله تعالى اطلاعه أنبياءه المرسلين على غيبه بقوله: {فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلاّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ}.

فقال (له) أبو عبد الله: وهل تجد لهذا نظيرا من التنزيل: «لا تفعل» يراد به التبشير ولا يراد به النهي عن أمر مسخوط؟

فقال (له) أبو عثمان: نعم. قال: الله عزّ وجلّ لموسى وهارون [عليهما السلام] {لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى} لمّا خافا من فرعون أن يفرط عليهما أو أن يطغى ولم يكن خوفهما خوفا يسخط الله عزّ وجلّ عليهما من أجله.

لأنهما لو أديل لفرعون عليهما لكان في ذلك طغيانا لفرعون وتضعضعا للدين وهما رسولان داخلان في (معنى) قوله تعالى {إِلاّ مَنِ ارْتَضى مِنْ}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015