رياض النفوس (صفحة 63)

طنجة، فسار عبد الله حتى حل به، فقاتله أياما، فقتله الله عزّ وجلّ، وكنت أنا الذي قتلته، فهرب جيشه. وقطّع ابن أبي سرح السرايا وفرقها في البلاد، فأصابوا غنائم كثيرة، فساقوا ما قدروا عليه، فلما رأى ذلك رؤساء أهل إفريقية، اجتمعوا وطلبوا أن يؤخذ منهم ثلاثمائة قنطار [من] ذهب، على أن يكف عنهم ويخرج من بلادهم، فقبل ذلك منهم ابن أبي سرح.

وذكر بعض أهل العلم بالسّير ومغازي إفريقية أن عبد الله بن سعد نزل بموضع يسمى «قمّونية»، وهو موضع مدينة القيروان، فسأل عن أشراف من بإفريقية من الروم، فقيل «جرجير» وهو صاحب مدينة سبيطلة. فزحف عبد الله إلى جرجير الملك، فلقيه في خلق عظيم من الروم، فقاتله عبد الله بمن معه، والتحم القتال، ووقع الصبر، حتى ظن الناس أنه الفناء. فانهزم «جرجير»، ولزمه عبد الله بن الزبير في عجاج الموت، فعرفه بمن معه من أشراف قومه، ففرق عنه أصحابه وقتله إلى جانب السور، وابنته تنظر من السور إلى قاتله؛ وسبقت خيول المسلمين الروم إلى باب الحصن، فحالوا بينهم وبين الدخول إلى حصنهم، فركبهم المسلمون يمينا وشمالا في السهل والوعر، فقتلوا أنجادهم وفرسانهم، ونزل عبد الله بن أبي سرح على باب المدينة وحصرها بمن معه حصارا شديدا حتى فتحها، وأخذ «ابنة جرجير» فوهبها لعبد الله بن الزبير. وهو صاحب الأفاعيل ذلك اليوم، وهو المستشهد في سبيل الله. ودخل عبد الله المدينة فوجد فيها سبيا كثيرا وأموالا جمة عظيمة، ووجد أكثرها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015