رياض النفوس (صفحة 60)

فقدمنا مصر، فخرج عبد الله بن سعد، وهو أميرنا، بمن كان معه في مصر ومن قدم إليه من المدينة، فكانوا عشرين ألفا، يريد إلى «البطريق جر جير» بإفريقية، [و] كان قد غلب على المغرب. فلما فصلنا من مصر تقدمت [الطلائع] فوصلت «أطرابلس»، وإذا ثمّ مراكب قد أرست، فشدوا عليهم، فأقاموا ساعة ثم استأسروا، فكتفوا، وهم مائة، حتى لحق بنا ابن أبي سرح فقتلهم، وتحصن أهل أطرابلس، ولم يعرضوا لنا، ولم نهجهم، وأخذنا ما في السفن، فكانت هذه أول غنيمة أصيبت».

«ثم تمادينا إلى إفريقية، ونحرنا الإبل وذبحنا البقر، وأخذنا العلف والسّبد [وبثثنا السرايا] تضرب في كل جهة، وأقمنا أياما تجري بيننا وبين «جرجير» ملكهم الرسل، ندعوه إلى الإسلام، فكلما دعوناه إلى الإسلام، نخر، ثم استطال وقال:

«لا أفعل هذا أبدا! » فقلنا له: «فتخرج الجزية في كل عام» فقال: «لو سألتموني درهما لم أفعل! » فتهيأ الناس للقتال، وعبأ الناس عبد الله بن سعد ميمنة وميسرة [وقلبا]، وسار بأصحابه، فقال له رجل من القبط ممن كان معه: «إن القوم لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015