رياض النفوس (صفحة 582)

عقال، ثم قام الناس و [بقي] أبو عقال [ساجدا] بحاله، فظن من وراءه أنه نام في سجوده، فلما انقضت الترويحة التي كانوا فيها ذهبوا يحركونه فإذا هو قد مات. فصعد رجل على «الحجر» فقال: «أيها الناس، إن الله تبارك وتعالى أراد أن ينشر لأبي عقال في أرضه اليوم عملا».

وكان، رحمه الله تعالى، هوى الشعر في أيام حداثته، فلما صار إلى ما صار إليه كان يقوله في معنى الزهد ورفض الدنيا، ويندب نفسه فيه ويصف أحواله التي تقدمت [له] في حداثته، فمن ذلك قوله:

أيا من يرى الرشد في غيّه ... ويخبط في الداجيات القتادا

تجاف بنفسك عن حتفها ... وخذ لأمانك منك القيادا

أجب داعي الله لا تعصه ... فقد جاد بالنصح جهرا ونادى

ولا تله بالموبقات التي ... أبادت بوائقها من تمادى

وأقفرت الربع من أهله ... وأبقت حلوف الندامى فرادى

وشتتت الشمل بعد ائتلاف ... فلم تبق للرائدين ارتيادا

بلوت الزمان، ودست البلاد ... ونافست في كل شيء عنادا

شربت المدام، وسست القيان ... ورضت الجياد، ورعت الشدادا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015