رياض النفوس (صفحة 543)

قال ابن حارث: قال لي محمد بن الليث: قال [لي محمد بن عمر] أخو يحيى بن عمر: «كنت جالسا بتونس، إذ كان أخي متواريا عن ابن عبدون، وكان القاضي بتونس عبد الله بن هارون الكوفي. قال: فما شعرت أن أتاني رسوله فساء ظني وخبثت نفسي»، قال: «فأتيته [فدخلت عليه] فتبين الذعر فيّ، فقرّبني وسكّنني فسكنت، ثم ناولني كتاب ابن عبدون فإذا فيه: «قد صح عندي أن يحيى بن عمر متوار بتونس فاطلبه، فإذا ظفرت به فأوثقه وابعث به إليّ مع من تثق به»، قال محمد: «فاربدّ وجهي لذلك، فقال لي: «لا يسوء [بي] ظنك، فلم أبعث إليك لمكروه، ولكني أعجّبك من ابن عبدون: يريد مني أن آتي إلى إمام من أئمة المسلمين فأرسل به إليه ليمتهنه! » ثم قال لي: «إن كان أخوك بهذا البلد فهو آمن مني».قال محمد بن الليث: «فكانت هذه المكرمة مشكورة لعبد الله بن هارون الكوفي في أمر يحيى بن عمر».

وبعد استخفائه وطلب العراقيين له، انتقل إلى سوسة فمات بها، رحمه الله تعالى.

وقال أخوه عنه: كان أخي يحب سوسة ويحض على سكناها ويقول: «اللهم لا تكسبني ذنبا أستحق له الخروج من سوسة»، وكان يقول: «إنما هي عندي مثل الإسكندرية وعسقلان وهذه المواضع التي ذكر فضلها في الكتب».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015