رياض النفوس (صفحة 542)

المتقين: «خير الناس من طال عمره وحسن عمله»، وأنا أسأل الله عزّ وجل أن يجعلنا وإياك منهم.

وقد علمت حال أهل بلدك؛ فأنا أحب منك، كلأك الله، إظهار الصبر على ما تجد من العلة. وقد أعجبني زبرك بعض من عادك ممن لم تحب عيادته، ورجوت أن تكون قد وفّقت في ذلك لتشريد غيره، لأني أتخوف أن يكون بعضهم إنما يأتي إذا بلغه عندك شدة، فينهي ما يرى للشامتين، فقد كان من بغيهم وإفكهم في علتك التي قبل هذه أن أذاعوا موتك وملئوا به الأسواق والمساجد، حتى انتهى ذلك إليّ في منزلي، فأحزنني وغمني.

ولم يزل الصالحون من سلف هذه الأمة يبتلون بهم وينالهم منهم مثل الذي نالك، {(وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً)} الآية. وقال تبارك وتعالى:

{(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْااهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)}.

وقد صح الحديث عن حذيفة، رضي الله تعالى عنه، أن المنافقين اليوم هم أشر من المنافقين الذين كانوا في زمن النبي صلّى الله عليه وسلم، قيل: «وكيف ذلك يا أبا عبد الله؟ » قال: «لأن أولئك / إذ ذاك يكتمونه وهؤلاء اليوم يجهرون به».

فهذا قول حذيفة، رضي الله عنه، في زمنه؛ وفضل زمنه وأهله على زمننا وأهله [معروف]، فالله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله. أعاننا الله وإياك على ما خلقنا له من طاعة، وأمدنا بالمعونة منه والتوفيق لكل ما يحببنا له ويقربنا منه، إنه قريب مجيب. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015