رياض النفوس (صفحة 537)

إلى «مسجد يحيى بن عمر» - وهو المسجد الذي بحذاء «حمام النعمان» - فلما فرغ يحيى بن عمر من صلاة الظهر وسلّم، استفتح الأندلسي بصوت حسن وقرأ {(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها)}، وتمادى في القراءة إلى آخر الآيتين، فبكى يحيى بن عمر حتى [سالت دموعه على لحيته] ثم قال:

«اللهم إن هذا القارئ ما أراد بقراءته رضاك ولا ما عندك، وإنما أراد بذلك نقصي وعيبي؛ اللهم فلا تمهله بعد ثلاث»، قال: فيقال إنه ما بلغ ثلاثة أيام حتى مات فيها، استجاب الله تعالى فيه دعوته».

وذكر بعض الشيوخ أن يحيى بن عمر مضى إلى قرطبة من القيروان على دانق حتى رده على أهله، [فخوطب في ذلك فقال: «رد دانق على أهله] أفضل من عبادة سبعين سنة».قال: «فمضينا إلى قرطبة ورجعنا في سنة، وبقيت معنا تسع وستون سنة ربحا».

ولما أمر السلطان بإنشاء المراكب للخروج فيها إلى صقلية هدم الذين ينشئونها مقابر المسلمين ورفدوا بها المراكب إلا قبر يحيى بن عمر، ما جسر أحد على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015